يظلّ المعلق التونسي القدير عصام الشوالي برأيي المتواضع من أبرز المعلقين العرب في الوقت الراهن فهو إلى جانب صوته المميز في وصف المباريات يمتلك إلى جانب ذلك رصيدا ثقافيا ومعرفيا كبيرا بالإضافة إلى تمكنه المتناهي من اللغة العربية الفصحى الرائعة مع بعض الجُمل الموغلة في (المحكي التونسي) الجميل لإضفاء نكهة جذابة للآذان وهي تستمع بالاستماع إليه في كل مباراة سواء في الدوريات الأوروبية أو الإقليمية حتى باتت بعض الكلمات التي يرددها يُسمع صداها لدى الجماهير الرياضية في وسائل التواصل الاجتماعي، وكثيرون الذين استمعنا إليهم عبر مقاطع الفيديو يقلدون الأستاذ عصام مستخدمين بعض عباراته التي يستخدمها دائما وهذا بلا شك استفتاء غير رسمي لكنه يشير إلى مدى الشعبية الجارفة التي حققها.
في مباراة منتخبنا الوطني الأخيرة أمام العراق ضمن التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لكأس العالم 2018م كان الشوالي يتحدث كعادته عن تاريخ مشاركة المنتخبين في كأس العالم وقام باستعراض جزء من تاريخهما واستحضر تاريخ أول حضور لعرب آسيا في المونديال، حيث كان عن طريق منتخب الكويت في مونديال إسبانيا 1982م ثم توالت المشاركات بعد ذلك عبر منتخب العراق في مونديال المكسيك 1986م فمنتخب الإمارات في مونديال إيطاليا 1990م قبل أن يحتكر الأخضر السعودي على مدى 12 عاما مقعد عرب آسيا في كأس العالم عبر «مونديالات» الولايات المتحدة، فرنسا، كوريا واليابان وأخيراً ألمانيا في أعوام 1994م 1998م 2002م و2006م على التوالي، بعد ذلك غاب عرب آسيا عن آخر نسختين وهما مونديال جنوب إفريقيا 2010م ومونديال البرازيل 2014م وكان من ضمن التساؤلات التي طرحها الشوالي حول أسباب ذلك الغياب انضمام المنتخب الأسترالي للقارة الآسيوية، حيث طالب بإبعاده عن منافسات القارة لإتاحة الفرصة لمنتخباتنا العربية في التنافس على مقاعد آسيا في المونديال.
والحقيقة أضم صوتي لصوته جملة وتفصيلا، فالمنتخب الأسترالي تم انضمامه للاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 2006 بمباركة رئيس الاتحاد الآسيوي السابق القطري محمد بن همام - الذي أُوقف لاحقا من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم مدى الحياة على خلفية قضية رشاوي في انتخابات الفيفا - واليوم بعد مرور عشر سنوات على الوجود الأسترالي في قارة آسيا لم يتحقق أي عائد إيجابي للاتحادات الآسيوية الأهلية سواء من ناحية التسويق أو عبر صفقات فائقة القيمة على الجانب الفني بل على العكس خسر الاتحاد الآسيوي مقعدا مهما في كأس العالم كانت منتخبات القارة هي الأولى بالتنافس عليه بعيداً عن أستراليا المنضوية تحت لواء قارة أوقيانوسيا حتى عام 2006م.
عندما نقلب صفحات المنتخب الأسترالي بعد انضمامه للقارة الصفراء نجد وبلغة الأرقام بأنه الرابح الوحيد من تلك الصفقة، فقد تأهل لنهائيات كأس العالم مرتين ويكاد يجتاز الطريق للتأهل الثالث، واستطاع الوصول إلى دور ربع النهائي في أمم آسيا عام 2007م في إندونيسيا ووصل النهائي في أمم آسيا 2011 في قطر قبل أن يحقق على أرضه كأس أمم آسيا عام 2015 للمرة الأولى من أصل ثلاث مشاركات فقط، كما استطاع منتخب أستراليا للسيدات الفوز بكأس آسيا عام 2010م.
قد تكون منتخبات شرق آسيا الأقل تضررا من وجود المنتخب الأسترالي نظرا لتقارب المستوى الفني بالإضافة إلى أن إدارة الرياضة في بلدانهم تكاد تكون بنفس الاحترافية العالية بخلاف بلداننا العربية وبالتالي أظن بأن التنافس في قادم السنوات في بطولة أمم آسيا وتصفيات كأس العالم سينحصر في منتخبات اليابان وكوريا الجنوبية والصين والوافد الثقيل منتخب أستراليا.
وما دامت الحال كذلك فلا خيار أمام اتحادات عرب آسيا سوى التحرك بفاعلية للدفع باتجاه إبعاد الاتحاد الأسترالي عن مظلة الاتحاد الآسيوي ليس بالتصريحات والأمنيات، بل بالعمل الدؤوب والتنسيق المتواصل لتشكيل تكتلات ضغط في الجمعية العمومية خصوصاً وأن المصلحة تشمل جميع المنتخبات العربية في قارة آسيا بلا استثناء.
وأناشد من هنا الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي إلى ضرورة تبنّي مسألة تقييم تجربة انضمام أستراليا للاتحاد بعد مرور 10 سنوات عليها حتى وإنْ لم تشترط الجمعية العمومية وقت الرئيس السابق تقييم التجربة لمعرفة ما إذا كانت ستكمل أستراليا مشوارها الآسيوي أم يتم إبعادها فذلك عهد قد مضى، واليوم استغرق الأستراليون الوقت الكافي لمعرفة المكاسب والخسائر من استمرارهم وبالنسبة لي كمواطن عربي محب لمنتخب بلادي السعودية والمنتخبات العربية الأخرى أرى من الضروري المضي قدما نحو تقييم التجربة على ضوء خسائر المنتخبات العربية التي كانت تعاني من منتخبات اليابان وكوريا الجنوبية فأصبح الهمّ همّين بانضمام الأستراليين.
أدرك بأن إجراءً كهذا يتطلب العديد من الخطوات سواء من الجانب القانوني أو معرفة واستطلاع آراء جميع الاتحادات الأهلية قبل اتخاذ أي مسار في هذا الإطار وبالتأكيد ربما يحشد الأستراليون الأنصار ومن الوارد جدا استخدامهم لورقة انتخابات رئاسة الاتحاد أو انتخابات المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي (الفيفا) أدرك جيدا تلك المخاطر، لكنها الفرصة الوحيدة لمنتخبات عرب آسيا ما دام شقيقهم العربي يقف على سدّة رئاسة الاتحاد القاري وهم بلا شك لا يريدون أن يروا أنفسهم في موقف الاتحاد المغربي الشقيق إبان مساعيه لاستضافة مونديال 1998م عندما خذلهم شقيقهم العربي محمد بن همام عضو المكتب التنفيذي للفيفا آنذاك! عسى أن تكلل الجهود الخيّرة بالتوفيق والسداد.
- محمد السالم