خالد بن حمد المالك
كانت كلمة المملكة في مجلس الأمن -التي ألقاها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- مسك الختام لزيارة تاريخية للأمير محمد بن نايف، شملت بالإضافة إلى كلمته في مجلس الأمن كلمته في الاجتماع العام رفيع المستوى بشأن التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين. كانت هناك أيام عمل التقى خلالها بعدد من القادة أو ممثليهم الذين حضروا للمشاركة في الدورة الجديدة للأمم المتحدة، فكانت اللقاءات الثنائية حافلة بكل ما يهم المملكة بحثه مع الأشقاء أو الأصدقاء، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.
* *
في كلمته التي ألقاها سموه من منصة القاعة الرئيسة في مقر الأمم المتحدة وسط حشد كبير من الحضور، لاحظنا الإصغاء والتركيز في الاستماع لمضامين الكلمة، لأرقامها وحقائقها وصراحتها وملامستها للواقع الذي تعيشه منطقتنا، وهو ما كان موضع تقدير ممن كان حاضراً لمعرفة ما الذي سيقوله ممثل الملك والمملكة في هذا المحفل المهم والمناسبة الكبيرة، مع ما تموج به منطقتنا من اقتتال وفوضى وعدم استقرار في كثير من دولها، بانتظار تقييم الوضع والآلية المناسبة للعلاج من الرجل السعودي المسؤول الذي يمثل الدولة الأهم في منطقتنا.
* *
كان الأمير هادئاً، واثقاً، صريحاً، وضع الأمور في نصابها، شخصها كما هي أحداثها على الأرض، لم يناور، ولم يخرج عن سياق الأحداث بأكثر من توصيفها، وتحديد أبعادها وأخطارها، وقال كلاماً لو أخذ به لتم تضميد الجرح النازف، وقد زاوج في كلمته البليغة بين الالتزام بالدبلوماسية والخروج عنها، بحسب ما يقتضي به الحال، في تركيز لافت، واستيعاب جميل لما تتطلبه أحداث المرحلة في التعامل معها بوعي كما هي سياسة المملكة، في حرصها على لم الشمل، وإرساء أسس التعاون مع الآخرين، دون التدخل في شؤونهم الداخلية، أو العمل بما يمس بالضرر جبهاتهم الداخلية.
* *
من بين ما قاله ولي العهد - وكل ما قاله على درجة عالية من الأهمية - حين خاطب دول العالم بموقف المملكة من الأحداث التي تمر بها منطقتنا، والصراع الدائر في أكثر من دولة فيها، واختلاط الأوراق سلباً في كل المؤتمرات واللقاءات الدولية التي تعقد لإيجاد منافذ للعبور إلى حيث الحلول للأزمات المستعصية التي باتت كما قال الأمير تؤرق الجميع، وخاصة أزمة اللاجئين الناجمة عن الصراعات العرقية والحروب والكوارث والنزاعات، ومثلها الأزمة السورية التي طالب بإيجاد حل لها، وذلك بالتحرك بشكل أكثر فاعلية.
* *
قال الأمير في كلمته: المملكة دولة رائدة في الأعمال الإغاثية والمساعدات الإنسانية، وهي من أكبر الدول المانحة في العالم، وقد وصلت مساعداتها للشعب السوري في الشتات إلى 800 مليون دولار، واستقبلت أكثر من مليونين ونصف المليون مواطن سوري ليسوا كلاجئين يقيمون في مخيمات لجوء، وإنما كمقيمين بالمملكة منحوا فرصة العمل وسهولة الحركة والرعاية الصحية والتعليمية بالمجان، وقدمت المملكة للاجئين الآخرين 59 مليون دولار عبر (أونروا) و30 مليون دولار مساعدات للاجئين الأفغان في باكستان و50 مليون دولار للاجئين الروهنغا في أندنوسيا. وأعلن سموه عن التزام المملكة بتقديم مبلغ 75 مليون دولار إضافي لدعم اللاجئين بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وامتداداً لذلك -ومن أجل تفعيل هذا العمل الإنساني- ذكَّر سموه الحضور بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ليكون ذراع المملكة الموحد لتقديم المساعدات الإغاثية للآخرين.
* *
تحدث الأمير عن اليمن، وقال إن المملكة تتعامل مع الأشقاء اليمنيين اللاجئين إلى المملكة بوصفهم زائرين، حيث تقدم لهم الكثير من التسهيلات، بما في ذلك استثناؤهم من نظامي الإقامة والعمل، وهذا بعض ما يقدم للأشقاء اليمنيين سواء من لجأ منهم بعد الحرب، أو من كان متواجداً في المملكة قبل قيام الحوثي وصالح بانقلابهما على الشرعية، فالشعب السعودي واليمني يجمعهما المصاهرة والجوار والتاريخ المشترك، ولا يمكن أن يفرق بينهما ما يقوم به عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح، استجابة وتنفيذاً لما يتلقيانه من أوامر إيرانية، تريد أن تعكر صفو هذه العلاقات، وتعرض سلامة وأمن اليمن والمملكة وامتداداً للدول العربية الأخرى إلى الخطر. وباختصار شديد أقول ليست هذه كل مضامين الكلمة التي ألقاها الأمير، إنها بعض هذه المضامين مع اختصار شديد لها، أي أننا في هذه الكلمة مع عناوين لها، وإشارات لما جاء فيها، ورأي ينطلق من قراءة سريعة لما أراد الأمير أن يقوله للعالم.