د.عبدالعزيز الجار الله
ارتبط اليوم الوطني بتذكر ماضي الأجداد، وهو أجمل حالات التذكر في عمر دولتنا، الأجداد والآباء الذين عملوا في بداية القرن العشرين في بناء هذه البلاد منطقة غير المرسومة في الأطالس القديمة والخلافات والدويلات التي سبقتها، فالدولة التي أسسها نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم كان محيطها المدينة المنورة ومكة المكرمة وأطراف من نجد وكانت تحاصرنا الأحباش غربًا، والفرس شرقًا، والروم بيزنطية شمالاً وهؤلاء الأعادي يتعمدون ويسعون إلى دحر العرب وحصارهم في قلب الصحراء، وفي عهد خليفة رسول الله أبو بكر الصديق رضي الله عنه جعل الجزيرة العربية كلها الدولة الإسلامية وبدأ يتحرك إلى فارس والروم، أما الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد تجاوز دولة فارس وكسرها وحجم إمبراطورية بيزنطية وعجلها في نهايتها، وحرر الفاروق الأراضي العربية في العراق والشام ومصر والشمال الأفريقي، الفاروق والخلافات التي جاءت بعده حررت بلاد العرب.
الملك عبدالعزيز رحمه الله لم تكن هناك خطة وخريطة على ورق، لكن كانت له رؤية واضحة وحلم متجسد وحقيقة كان يراها، هي توحيد الأقاليم دخل الجزيرة العربية وجعلها دولة واحدة، قد تكون لها ملامح واضحة من جهة الغرب بحدود البحر الأحمر لكن حدودها الجنوبية والشرقية أكثر تعقيدًا، كما أن حدودها الشمالية مركبة العراق والكويت والأردن وفلسطين ومصر، وكانت نفس الظروف التي مرت بها بواكير الخلافة الراشدة مرت على دولتنا عند التأسيس من الغرب الأحباش والأفارقة والطليان والفرنسيين، ومن الشرق إيران وشريط دول الخليج وتأثير الاستعمار البريطاني، ومن الشمال دول عربية باستعمار أوروبي بريطانيا وفرنسا والتأثير الكبير من الخلافة العثمانية، لكن الملك عبدالعزيز استطاع أن يصارع بالداخل والخارج لبناء دولة عظيمة بمكانتها الدينية، وشعبها العربي الذي تحمل مسؤولية حمل ونقل الرسالة المحمدية إلى شعوب الأرض، ومساحتها التي تتجاوز (2) مليون كيلومتر مربع.
لذا لابد أن نتذكر المؤسس عبدالعزيز ونتذكر المخلصين وجميع من عمل لبناء دولتنا من الأجداد والآباء حتى في مرحلة تثبيت الحكم والتوطين وبناء الدولة الحديثة من البدايات زمن التأسيس مرورًا بالطفرات الاقتصادية وصولاً لقادة بلادنا قيادة الحزم الذين دفعوا الشرور في حدنا الجنوبي وحدنا الشمالي والشرقي عندما شعر أعداؤنا في ربيع العرب أننا من سقط المتاع ويمكن التهامنا وطينًا عبر جيران الجنوب والشمال.
إذن بلادنا تعيش نشوة الانتصار على مؤامرات كانت تحاك ضدنا طوال الربيع العربي تحريك الشمال والجنوب والمشاغلة من الشرق فكانت عاصفة الحزم جاءت لتضرب وفضحت الخطط والنوايا وأخمدت نيران الحاقدين.