علي الخزيم
عادت هذه الطفلة بعد أول يوم دراسي ببدايات المرحلة الابتدائية، وأول كلمة قالتها عند دخولها المنزل (المدرسة ما تخوّف)، قالتها رغم أنها قد اجتازت مرحلة التمهيدي، فمن أوحى لها بأن المدرسة مصدر للخوف والقلق؟ هذه الجملة كانت مدار حوار الأسرة والتفكر بمضامينها وسبب صدورها من طفلتهم! بعد التداول وتقارب الآراء جاءت النتيجة بأن كثافة الشحن في ذهن الطفل المُقْبل على المدرسة بهدف تحبيبه لها وتشويقه إليها ربما يأتي عكسياً على نفسية الصغار؛ لماذا؟ لأننا إذا أردنا أقبالهم على أمر ما نبالغ بالوصف وإظهاره بالشيء الجميل الذي يرغبه كل الأطفال؛ فلا تقلق أيها الطفل الصغير فأمامك المتعة والمرح، وهذه الجمل والعبارات التشويقية تبدأ منذ (تَخَرّجه) في التمهيدي، حتى اكتظت نفسه ورأسه ورئتيه بالخيالات عن (الكائن المدرسي)، واحتشدت بعقله صور متداخلة جراء الروايات والمواقف المتناقضة من المحيطين بالطفل، الخوف على مشاعر أطفالنا يجعلنا أحياناً نبالغ بالعطف عليهم وتهوين الأمور المستقبلية لهم بما يشبه التهويل والتخويف منها، فلو تعاملنا مع المسألة ببساطة وواقعية لإدرك الطفل بنفسه أن الأمر هو كما كان ويكون، ويتقبله ويتماهى مع واقعه بسلاسة، دون توتر واحلام مزعجة طيلة اشهر العطلة الصيفية حين تَرَقّبه لما يدور بأجواء وبيئة المدرسة، والصور المُتَخَيّلة من المبالغة بوجوب الطاعة والهدوء وبقية التوصيات المذهلة المشتتة لعقل الطفل المرهقة لنفسيته.
وفي رأيي أنه من المناسب لتحميس الصغار لإقبالهم على حب المدرسة وبيئتها أن ننشر روح التفاؤل والأمل بطريقة مختصرة دون تكرار يبعث على توقع الأسوأ وعلى تخيلات بان المدرسة سجن وواجبات مدرسية وتلقين ممل، ولكل طريقته مع طفله فالمهم النتائج الإيجابية، لذلك كان الترفيه بالتعليم للصغار إحدى هذه الوسائل الإيجابية، ويرى تربويون أنه لو تم التركيز على الترفيه العقلي للصغير، وإصلاح خلجات قلبه، وجذبه وتعويده مصاحبة الكتاب ومصادر المعرفة؛ فإنها ستكون خطوات لنجاح العملية التعليمية التربوية، وينصح التربويون بالابتعاد عن التلقين بدعوى أن المعلم مطلوب منه إنهاء المنهج المرسوم لا يحيد عنه، والطالب بذلك ينتظر الاختبارات ليتخلص من هذا الكتاب والمحفوظات، مما يعني غياب التفاعل المثمر.
الحديث عن الاهتمام بالصغار كنواة علمية للمستقبل، لا يعني إهمال ما للمعلم من أهمية عظمى في كل العملية، فله حقوق ومشاعر تجب مراعاتها، فكيف تتصور إقبال ومشاعر معلم تعيّن حديثاً يَتّجه لمدرسته ليتفاجأ بأنها وسط أزقة ضيقة ملتوية قذرة جداً (كما شاهدت بمقطع من مكة المكرمة)، كذلك غياب النظافة والصيانة الشاملة ببعض المدارس، هل تعلم أن من طلاب المدارس من ينظفون مدرستهم بأول يوم دراسي؟! وهو ما يجعل بعض الأسر تمنع أولادها من التوجه للمدرسة باليوم الأول الذي يطلقون عليه (يوم تنظيف الطاولات)، لكني أجزم أن هذا لا يشمل كافة المدارس، فهناك قَيّمُون على المدارس مُخْلصون يراعون الله في كل أعمالهم، وينظرون للطلاب وكأنهم أبناؤهم.
وأدعو الأسر للاهتمام بوجبة الإفطار الصباحي (خفيفة صحية)، وإبلاغ المدرسة بالحالات المرضية والمتابعة المستمرة.