فهد بن جليد
بالأمس تحدثنا عن الفرق بيننا وبين الغربيين في فهم وجود (صديق وهمي) في حياة الصغير؟ يُعبِّر من خلال الحديث مع هذه الشخصية عن همومه، وأفكاره، وأحلامه، وتطلعاته، وخيالاته.. وكيف يجب أن نتكيَّف مع وجود مثل هذه الشخصية الوهمية في حياة الطفل؟!
المُتطوِّرون منا يتعاملون مع الموقف بطريقة حذرة وصامتة بعيداً عن الأعين؟ باعتباره نوعاً من أنواع (مرض التوحّد) أو ما شابه ذلك، يُشَخِّصُون الحالة على هذا الأساس، ويبحثون عن خطط علاجية بسرية تامة، حتى لا يتسرَّب الخبر إلى المجتمع العائلي، مما يؤثِّر على مُستقبل وحياة الصغير؟!
آخرون يعتبرون تلك أعراض (مسّ أو إصابة بالعين)، لذا يلجأون للمُعالجين بالقرآن الكريم، ينقلون الصغير من عطارٍ إلى آخر، قبل أن يتدخل الطب الشعبي (بالكيّ) في حال استعصت الحالة، وفي هذه المرحلة تكثر التوصيات بالصراخ في وجه الصغير، ومنعه من الاستمرار في التخيُّل واللعب مع (صديقه الوهمي) أو التحدث إليه، حتى لا تتطور أعراض (المرض النفسي)..؟!
صغارنا يعيشون مرحلة أكثر تعقيداً من طفولتنا، بوجود عالم افتراضي (وهمي) كامل، ينطلقون بواسطته إلى عوالم أكبر وأوسع، يتواصلون فيما بينهم، ويتعايشون مع بعضهم البعض، تتشكَّل شخصياتهم تبعاً لتوجهاتهم الافتراضية، وطرق حياتهم الوهمية التي تُشكِّل شخصياتهم الحقيقية في نهاية المطاف..؟!
كم هو صعب أن يتم استبدال (صديق وهمي) واحد؟ لم يكن الآباء يعترفون به في ذلك الحين، بعالم كامل (غير حقيقي) عجز التربويون من السيطرة عليه؟!
اليوم كبرت، وما زال لدي (صديق وهمي) يخرج علي فجأة، أتحدث إليه عند الحاجة، وأفضفض له عن ما يدور في خاطري، لذا لا تستغرب عندما ترى أحدهم وهو يتحدث مع نفسه، ويشير بيده، أو ينظر إلى مرآة السيارة، ويُعَفِطُ وجه تارة، ويبتسم تارة أخرى.. تلك آثار الطفولة - غير المُكتملة - يا صديقي؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.