فهد بن جليد
عندما كنتُ طفلاً صغيراً، لم يكن أحد يُصدِّق أنني أتحدث مع (رجل فضاء)، وأنه يعيش معي في المنزل، في إحدى المرات كِدت أقفز من (خزان بيتنا) العلوي إلى الأرض، حتى أثبت صحة وجوده لمن حولي؟!
إذا لم تعش مثل هذه (التخيُّلات) فإن طفولتك قد فاتها الشيء الكثير؟!
في بريطانيا وجدوا أن طفلاً واحداً دون سن (الخامسة) من بين كل 5 أطفال، يملك (صديقاً وهمياً) يتحدث إليه، ويهرب معه من الواقع ليعيش (مواقف خياليه)، يرسم من خلالها الصغير حوارات تعبِّر عن أمنياته الحقيقية بتقمّص شخصيات وأدوار، حول صور يحلم بها، يستكشف من خلالها العالم؟ ويعبِّر عن ما يدور في خاطره، وهو ما يكوِّن شخصية الطفل المُبكرة في هذا العمر؟ الوالدان عادة يتفهمان ما يجري، لذا هما يساعدان الصغير على مزيد من التخيل، واللعب، والتعبير، وتقمّص الأدوار والشخصيات مع هذا (الصديق الوهمي) الذي يختفي فجأة مثلما ظهر فجأة؟ مع الحرص على توسيع دائرة (صداقاته الواقعية) ليتجاوز الطفل هذه المرحلة بشكل طبيعي؟!
نحن في المُجتمعات العربية عكس ذلك، نعتبر كل طفل يتحدث مع نفسه، أو يتخيَّل أنه يعيش مع شخصيات أخرى وهمية، بأنه يعاني من مُشكلة ما؟ بعضنا يستغل وجود مثل هذه الشخصيات الوهمية في حياة الصغير، للكذب عليه، أو تهديده في حال لم يلتزم بما يطلب منه؟ وهي حالة تربوية خاطئة، لا تقل تأثيراً عن الاستهتار بتخيلات الطفل، أو تكذِّيب القصص والأحداث التي يتخيَّل أنه عاشها مع (صديقه الوهمي) ويرويها لنا؟!
نحن نريد من الصغير أن يعيش (واقعه) مهما كان مُراً، أو خالياً من أدوات الترفيه والتسلية، ونرفض أن يُطلق لخياله العنان ليبحث عن حياة أخرى يحلم بها؟ أو يكون له الحق في اختيار وصناعة (شخصيات) يود أن يتعايش أو يعيش معها، مهما كانت مُختلفة عن واقعه وتوجهاته..؟!
غداً نكمل، وعلى دروب الخير نلتقي.