د. خيرية السقاف
في النظام التعليمي يأتي تقييم النتائج بعد الأداء وتنفيذ العملية التعليمية ومتعلقاتها, وغالبا ما يتناصف المعلم والمتعلم ثمار الحصاد إن وردا, أو شوكا..!
بلا شك بيئة التعلم, والتعليم بتفاصيلهما, تأخذ بنصيب لكنها تتمحور في نوعية وقيَـمِية ما تم تحصيله من محتوى, وطريقة تعليم..
مثل هذا التقييم الذي يمثل المحك بين القبول فالاجتياز، أو الرفض فالمحاسبة يكون الوقوف الآن على محصلات ما حصده الأفراد في المجتمع على مر عقود من التعليم, والتعلم, والثقافة, والتربية, والقيم, والمفاهيم, والحقائق, والأنظمة، والفكر, ما شكل سلوكهم, وفكرهم, ومواقفهم الشخصية, والجمعية التي تحدد سماتهم المشتركة, وعوامل تكوينها تلك..!!
الآن مرحلة المحاسبة بعد الذي انزاح من الأغطية وكشفت الحقائق فإذا الناس في دهشة من هشاشة البناء, وخلط المفاهيم, وضعف التحصيل, والتكوين بما فيه الأخلاقي, والقيمي, وإلا ما ذاع السفه, ولغو القول, وجرأة التطاول, وسهولة الافتراء, وسرعة الغرف من المستنقعات ومن ثم كشحها بلا ضابط عند الاختلاف, وعند الحوار, وعند المواجهة, وعند التواصل دون رادع, ولا مانع, وإلا ما تخفى الأغلبية خلف معرفات ليكون لهم السعة في المنابذة، والاجتراء, واللغو, والسفه, والتمادي في الخصومة, والخلاف, والتنابز بالألقاب, والعنف عند الغلبة ولو بالقول, وإلا ما فضحت السرقات الخفيات, وإلا ما وجدت التعديات, وفجع الناس بالثقات من ذوي الأمانات, وظهرت الوجوه القميئة للفوارق بين من يبيض ثوبه ويعطر ما بين يديه, ويصلي ويصوم, ويهلل ويكبر, وهو ينام على غش نفسه, وأهله, ومجتمعه كان مفرطا في أمانة, أو رعاية فخانها, وإلا ما زور المزورون, وسرق السارقون, واعتدى المعتدون, وكذب الكاذبون, وانتشر المنافقون في سعة, وهش بناء البيوت في عموم, ووهنت علاقات الإخوة, وتقاعس المتعلمون, وارتقى المزيفون, وإلا لما أُهدر المال العام, والخاص, وتعثر الطريق والناس في جنون سرعة, وضرب النظام عرض الحائط,، وإلا لما جاع فقير, واعتل سقيم, وفحش القول والفعل مع المستخدَمين, والمرؤوسين, وإلا لما حزت الحلقة بمن تعلم, وبمن ترأس, وبمن أوكلت له مهمة، وبمن قاد فريقا, أو فريق علم، أو عمل فلا إنجاز يذكر, ولا تصنيع يغني, ولا ابتكار يميز, ولا تصنيف يبهر, وإلا لما هدرت الأموال في المظاهر, وشحت الأيدي عن المخابر, وإلا لما غدا الاتباع والاستهلاك سمة, وانتشر الخفافيش الذين تربوا في الظلام ليعيثوا في الظهور, وإلا لما أصبح الغربي قدوتنا, حتى عبارته نترجمها لنحلق بها, أو نحكيها بوهم تمَثُّلِه....!
وإلا.. وإلا..!!
القائمة تنوء, والنُّدرة بين الجمع لا يعوَّل عليها.. فالوطن كبير.., كبير..!
غدا اليوم الوطني, والإحساس بالوطن ليس فسحة يوم, ولا راحة من عمل, وإنما عزم لمحاسبة النفس في كل فرد ذاته, والعمل مع الجماعة من أجلها أنفاسها معا, والالتفاف حول الوطن لصياغات جديدة واعية تستحث الهمم, وتتجه لمفاصله قضاءً على الفساد حيث يكون لا قولا, والإخلاص بكل أمانة فيما يناط دون تخاذل, والحرص على تربية الأبناء بشكل أكثر جدية مما هو حاصل, والتعليم بأساليب ومضامين أكثر تطورا وجدوى, والتهذيب الكلي،والذود عن القيم الأساس, والعمل على جلاء المبادئ, وتمكين القيم, وإصلاح النوايا, وغربلة الذي يعج..
الوطن لكي نحبه حب إيمان علينا بالإيمان برسالته لتكون في سلوكنا الفكري, والعلمي, والتربوي,والمعرفي, والأدائي, والإنتاجي،والتكافلي..
فاستيقظ غدا يا وطن «على حُب»..!