هاني سالم مسهور
ستكون قمة سلوفاكيا القمة الأولى التي تُعقد بدون المملكة المتحدة، الشعور الأوروبي يغلب عليه اكتئاب سياسي واسع في ظل البحث عن جوامع جديدة للاتحاد الأوروبي، أصدرت بلدان مجموعة فيسيجراد الأربعة (هنغاريا وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك) طلباً من أجل تكتل أكثر مرونة، مع إعادة بعض الصلاحيات إلى الدول القومية، هذا مُعطى من المُعطيات الأكثر عقلانية بعد الخروج البريطاني، يشعر بعض الأوروبيين بأن الفاتورة التي عليهم دفعها تبدو باهظة جداً في مقابل ثمن هزيل ستدفعه بريطانيا التي ستدخل إجراءات الخروج من الاتحاد.
ينبغي استخدام المفاوضات حول "خروج بريطانيا" باعتبارها فرصة لإيجاد اتحاد أوروبي من مستويين يُعالج هذه المخاوف ويُمكن المضي قُدماً بالمستوى الأول من خلال تكامل سياسي أوثق بكثير لتحقيق الهدف طويل الأمد في "اتحاد أوثق بكثير"، البلدان في المستوى الثاني ستحصر نفسها بالمشاركة في السوق الموحّدة والتعاون فيما يتعلّق بالسياسة الخارجية والأمن، الشعور حيال بريطانيا السابق سيستمر طويلاً فلطالما اشتكى دعاة الفيدرالية من أن بريطانيا تتصرف كأنها عائق أمام تكامل أعمق، ومع خروجها أصبح الارتياب من "الاتحاد الأوروبي" أكثر ظهوراً من كل الأزمنة الفائتة.
مخاوف إيرلندا وهولندا وسويسرا والسويد والدنمارك تضاف لدول فيسيجراد التي تشعر بامتعاض من النظام الفيدرالي وتحاول استعادة الجوهر القومي تدرك أنها تحتاج للدول التي تريد التكامل الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا، فهذه المجموعة تشكل الثقل السياسي والاقتصادي في القارة الأوروبية.
قد يكون الحل في صياغة تُشكّل أوروبا الجديدة عبر مستويين من العضوية من شأنه السماح للاتحاد ككل بمواصلة أداء المهمتين الأكثر أهمية الحفاظ على السوق الموحدة وعرض المصالح الأوروبية على الساحة العالمية، هيكل من مستويين يُمكن أيضاً أن يحل مشكلة خروج بريطانيا.
التحديات المٌقبلة أمام المجموعة الأوروبية تبدأ في "الصلاحيات القانونية" التي عليها أن تراعي بين دعاة الفيدرالية والمناهضين لها، كما أن التكامل المالي بين الدول سيقف تحدياً أمام (اليورو)، وتبقى النقطة الأصعب هي عند حرية التنقل التي شكلت عند البريطانيين الزخم للخروج من الاتحاد الأوروبي، فالفرنسيين، وكذلك الدنماركيون يشعرون بتهديدات حقيقية من هذا الجانب، وعلى ذلك سيعاد صياغة التنقل الحُر.
كثير من أفراد الطبقة السياسية في أوروبا ينظرون إلى كل هذه الأفكار على أنها خطر، ويُريدون أن يحتفظ الاتحاد بكل صلاحياته الحالية "المكتسبات"، وإثبات حماقة "مغادرة أوروبا" من خلال جعل انفصال بريطانيا مؤلماً وصعباً قدر الإمكان، لكن فكرة أنه يُمكن الحفاظ على الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل من خلال التعامل معه مثل سجن ألكاتراز المنعزل وسط المحيط - وإظهار أن أي شخص يحاول الهرب سيُعاني حتماً مصيراً رهيباً - ليست طريقة جيدة في نهاية المطاف للحفاظ على التكتل معاً.