قال تعالى {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}.
الحمد لله حمداً كثيراً يليق بجلاله، والشكر له على توفيقه وامتنانه، فمن توكل على الله مخلصاً له العمل في إقامة شرائعه وحماية حدوده فلن يذل ويشقى مهما حاول المنافقون أو تربص به الكارهون، فهنيئاً لقادة هذه البلاد المخلصين لدينهم وعقيدتهم ولإخوانهم من أهل الإسلام باختلاف ألوانهم ولغاتهم ومذاهبهم ما تحقق من نجاحات عظيمة في حج هذا العام وما ساده من سهولة ويسر في أرجاء المشاعر المقدسة قاطبه، حيث لبى الملبون لله بأمن وأمان في الأرض المباركة وقبلة المسلمين مكة الرحمة والإحسان والخير. أثبتت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وبشهادة المسلمين بعلمائهم وبسطائهم قدرتها على إدارة فريضة الحج وجدارتها على تيسير مناسكه لضيوف الرحمن، استشعاراً لدورها الإيماني وقيادتها للعالم الإسلامي من منطلق قوله تعالى {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} ولأن الإحسان هو أعلى مراتب الإسلام وثمرة الأخلاق وصفوة القيم فقد جعلته قيادة هذه الأرض المباركة شعاراً لها ونبراساً لعملها تجاه حماية مقدسات المسلمين في مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية. لذا ومن الأهمية بمكان أن نتطرق لحج هذا العام على وجه الخصوص وما حققته حكومة خادم الحرمين الشريفين من نجاح منقطع النظير، وما آلت إليه الأعمال الرائدة المقدمة من كافة الجهات المعنية لحجاج بيت الله الحرام منذ قدومهم وحتى انتهاء مناسك حجهم بكل يسر وسهولة، ليعكس منعطفاً جديداً على ما توليه هذه البلاد حكومة وشعباً بعد توفيق الله سبحانه وتعالى من اهتمام ورعاية بأدق التفاصيل وبما تمتلكه من قدرات عالية وإمكانات متعددة سواء الطبية أو الخدمية أو التنظيمية في ضوء ما غلفها من محبة وأخوة واعتزاز بخدمة حجاج بيت الله الحرام التي كانت سبباً وعوناً لهم في إنجاز فريضتهم في إطار أمنهم وراحتهم في كافة المشاعر المقدسة، والتي لمس من خلالها العالم أجمع قدرة المملكة على إدارة هذه الحشود بكل اقتدار لترد بأفعالها على كل المغرضين والكارهين والمشككين وتلجم أفواههم وتغيض قلوبهم حتى إننا لم نعد نسمع أو نقرأ لأحد كائناً من كان بالانتقاص أو استغلال الأحداث المفتعله والمتعمدة خلال السنوات الماضية. وما يثلج الصدر ويفرح القلب ما شاهدناه من روح عالية وتفانٍ وإخلاص منقطعي النظير من كافة الجهات التنظيمية وعلى رأسها القطاعات العسكرية التي جمع أفرادها ما بين السهر على أمن حجاج بيت الله الحرام وحماية أرواحهودمائهم والحزم مع كل من سولت له نفسه المساس بهم أو بمقدساتهم أو التنغيص على روحانيتهم وعبادتهم، وما بين ما قدموه من إحسان وعون ورحمة لكل كهل أعياه العمر أو امرأة خارت قواها وتملك منها ضعفها أو طفل يستمتع بروحانية اللقاء بين جنبات الأرض المقدسة أو المسارعة في إرشاد تائه وإطعام جائع وحمل عاجز وبل رمق من أعياه العطش، صورٌ إنسانية عظيمة جسدت أمام كاميرات العالم أجمع ما يتمتع به المواطن السعودي عسكرياً كان أم مدنياً من همّة ٍ عالية وشغف مستمر وطلب للأجر والثواب من الله وحده، لتصمت معها سهام النقد وسلاطة اللسان وتربص العيون من نفوس مريضة تدّعي حرصها على الإسلام والمسلمين وهما منها براء. أرقام لا تقبل الشك والتكذيب عكست عظم الإنجاز وعلو الهمة وجودة الخدمة في نطاق جغرافي ضيق وكثافة بشرية عالية لن تجد من يقدر على تنظيمها وخدمتها بهذه السلاسة والدقة والسرعة إلا في بلد الخير أرض المملكة العربية السعودية، فمليون وثمانمائة ألف حاج باختلاف لغاتهم وطبائعهم ومذاهبهم و307 عملية قسطرة للقلب و27 عملية قلب مفتوح و1730 عملية غسيل كلوي، للحجاج الذين وجب لهم التدخل الطبي السريع والمجانية برغم تكاليفها الباهظة ومجهودها الكبير في أيام معدودات، لهو مقام فخر واعتزاز لكل من ينتمي لهذه البلاد. فهنيئاً لنا بقيادتنا حماة الدين والمقدسات والوطن وهنيئاً لنا برجال ونساء هذه البلاد الذين أفنوا أنفسهم وراحتهم في سبيل ضيوف الرحمن والحمد لله أولاً وآخر ومن توكل على الله فهو حسبه ونصيره ووليه في الدنيا والآخرة.
عبد العزيز بن محمد البابطين - العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة نادك