عبدالواحد المشيقح
وصل بنا الحال (الفوضوي) الذي نعيشه.. إلى أن يكون هُناك بيانات مُتبادلة بين إدارة المُنتخب والأندية.. كما حدث في بيان إدارة الأهلي والمُنتخب.. فكل طرف يتهم الآخر.. بإصابة تيسير الجاسم.. وهذا مؤشر خطير.. له عواقبه الكبيرة.. لم يُدركه مع الأسف الشديد مسؤولو المُنتخب ولا إدارة الأهلي.. فلو كان هُناك سياسة ناجحة من الطرفين.. لما دخلنا في متاهات نحن في غنى عنها..!
إن هذا المُنعطف الخطير.. لن يكون خيراً على كُرتنا.. ومُنتخبنا.. فمع تلك الاتهامات عبر البيانات.. ستتوارى روح لاعب المُنتخب.. وسيكون الولاء ضعيفاً.. وسيؤثّر على علاقة النادي وإدارة المُنتخب.. وتواصلهم مع بعضهم.. وسيكون التعارض والتضارب فيما بينهم أمراً مؤكداً.. كما سيؤثِّر أيضاً على علاقة اللاعب بمنتخبه..!
كان على إدارة الأهلي أن تكون أكثر حرصاً على المصلحة.. ولكنها لم تفعل ذلك ولم تنجح في التعامل الصحيح.. بعيداً عن التشنج والعاطفة.. كما أنها بذلك ساهمت برأيي من حيث لا تدري في خسارة فريقها من الشباب.. فهي من قدمته لقمة سائغة للمنافس بعد أن قلّلت من اللاعب (البديل) ولم تزرع فيه الثقة الكاملة التي تجعله يُعوض غياب لاعب (مُهم) في التشكيل الأهلاوي مثل الجاسم.. بل وقلّلت من قُدرة الفريق من مقارعة الشباب.. وأن فريقها لن يكون قادراً على تحقيق نتيجة إيجابية دون مُشاركة اللاعب.. كما أن إدارة المُنتخب كان لزاماً عليها أن توضح حقيقة إصابة الجاسم في حينها.. أو على أقل تقدير بعد نهاية لقاء العراق مُباشرة.. ولم تنتظر بيان الأهلي لترد عليه.. ففي البيانين افتقدنا القيادي الواعي والحكيم..!
هاجموا ما صنعوه!
تذكّرت وأنا أتابع لقاء التعاون بالرائد رأياً قد قُلته قبل عدة مواسم.. بأن لقاءات الفريقين لم تعد تخضع للعامل (النفسي) فكلاهما تجاوزه بمراحل خاصة التعاون.. وقُلت حينها بأن التعاون تجاوز أدائه المُتسرّع الذي يكون عليه في بعض مواجهات الفريقين.. ويخسر النتيجة رغم أفضليته الفنية.. وأنه تخلص من الشد الذي يُصاحب أداء بعض لاعبيه من فترة طويلة.. وتحديداً من لقاء (الخمسة) التاريخية في عهد إدارة عبدالله الشريدة - رحمه الله-.. ففي تلك اللقاء فرض المنطق نفسه بعد أن وثق التعاونيون بقدراتهم.. وأدركوا أن صاحب الأفضلية الفنية ستنصاع له المُستديرة..!
وأكرر ما قلته سابقاً.. بل إن قناعاتي زادت وأنا أتابع اللقاء الأخير بين الفريقين بأن العامل النفسي بات لا يتحكم في نتيجة المُباراة.. فلقاءاتهما تتجه لمن يتعامل معها بذكاء ومنهجية.. وتكتيك صحيح.. وصار من يملك الكفاءة الفنية يستطيع الكسب.. أما التهديد والوعيد والصراخ والتحدي.. جميعها أمور لا تنفع ولا تُجدي .. اللهم إلا في مُمارسة حجب وإخفاء الضعف الفني.. وما يعتري الفريق من خلل ووجع..!
لا شك أن التهيئة النفسية.. ورفع الروح المعنوية.. أمر مطلوب.. بل إن الروح والإخلاص يُساهم أحياناً في تعويض بعض من جوانب النقص الفني.. لكن ما وددت توضيحه هو أن الروح.. وبث الحماس لا يأتي من خلال تصاريح تُصاغ على أهازيج المُدرجات.. فمثل تلك التصاريح لا تستر (العيوب) ولا تُغطي نقاط الضعف..!
نقول.. إن المُباريات الكبيرة والتنافسية.. لا تتطلب التهديد والوعيد قبلها.. بل تحتاج تعاملاً منهجياً ومنطقياً معها.. وتكتيكاً يتبدل حسب ظروف اللعب.. وليس تصريحاً يتبدل حسب صوت المُدرج.. فالسير بثبات والوصول للهدف.. لا يتحقق إلا بوجود مُدرب يستطيع التعامل مع المُباراة كما يجب.. ومنهجية منطقية وواضحة.. وتنفيذ مُتقن من اللاعبين.. وفي اللقاء الأخير تأكد هذا الأمر.. فالفوز ذهب.. لمن لم تخنه خبرته وقُدراته على التعامل المثالي مع ظروف المُباراة.. ولم تؤثّر فيه تصاريح عفا عليها الزمن وشرب.. ولم تعد تُجدي في زمن الكُرة الحديثة..!
والغريب أن من لام بعد اللقاء في الإفراط بالتفاؤل والثقة الزائدة.. هو من فعل ذلك.. فهو من رفع راية (التحدي) وقلّل من مُنافسه.. وتوعّد بتذوّق طعم (السكري) والمُتتبع للساحة في الفترة الماضية.. سيكتشف ذلك دون اجتهاد.. لكن عُذر الإفراط جعلوه ستاراً واقياً للهزيمة.. بينما هُم من صنعوا التحدي.. وزادوا أوجاعهم.. وكرسوا عُقدهم وأوهامهم..!
آخر الكلام
أتمنى ممن يختار الحكام الأجانب أن يعود للقاء التعاون والرائد ليُشاهد الأخطاء الكبيرة التي وقع بها الكرواتي «إيفان بيبيك»، فمثل هؤلاء الحكام لا ننتظر منهم الفائدة التي ننشدها..!