د. محمد عبدالله الخازم
الرؤية الاقتصادية أو ما يعرف برؤية 2030م وضعت غايات وأهداف اختارت لإنجازها برامج تحول وطنية مرحلية أولها برنامج 2020، الذي حوى مؤشرات يعمل الجميع على تحقيقها في الوقت المطلوب. رؤية كبرى مثل الرؤية السعودية جميل أن يكون لها معيار عالمي يتجاوز مجرد إشادات وترحيب أصدقاء المملكة من مختلف دول العالم بها، معيار ذو مؤشرات موضوعية متعارف عليها. في الجانب الاجتماعي هناك مؤشر الرفاه الاجتماعي، وقد سبق أن كتبنا نبذة عنه، لكن باعتبار جوهر الرؤية هو الموضوع الاقتصادي، فاقترح قياس تقدمنا وفق مؤشر اقتصادي يحظى بتقدير عالمي واسع، ألا وهو تقرير الحرية الاقتصادية في العالم Economic Freedom of the World.
هذا التقرير يحوي 42 معياراً في مجالات تتعلق بحجم الحكومة والنفقات والهياكل القانونية وحقوق الملكية وحرية التجارة الدولية ونظم العمل والائتمان والأعمال التجارية، وما يتبع ذلك من فروع وتفاصيل. التقرير الأخير حوى معلومات 159 دولة وبعضها تمتد معلوماتها للخلف أكثر من أربعين عاماً، مما يسمح بدراسات مفصلة تبحث تقدمها أو تأخرها في معايير التقرير. السعودية وإن كانت معلوماتها في هذا التقرير لا تمتد لسنوات طويلة ماضية، إلا أن بإمكانها العمل على وضع هدف يحسن صورتها في التقرير من عام لآخر، حيث إن ترتيبها الحالي -تقرير 2014م- لا يليق بها كقوة اقتصادية كبرى. تحتل المملكة الترتيب 85 في التصنيف العام، وهناك معايير لكل مؤشر منها المتدني جداً مثل حرية دخول الأجانب ودرجتنا فيه 0.42 من 10 أو حجم البيروقراطية الذي يبلغ 3.28 وغيرها. احتلت هونكونغ وسنغافورة ونيوزلندا وسويسرا وكندا المراتب الخمس الأول في التقرير.
مؤسسة فريزر -مركز التفكير العالمي المرموق- لا تكتفي بالتقرير، بل تجري دراسات عديدة حوله وقد أثبتت دراساتها العلمية بأن احتلال مركز متقدم في التقرير ينعكس على جوانب أخرى مثل معدل العمر، حيث وجد أن معدل العمر بدول المقدمة في التقرير بلغ 80.4 عاماً بينما ينخفض في الدول التي تحتل ذيل التقرير إلى 64 عاماً. العلاقة كانت واضحة كذلك في مستويات الاستثمار وتدني الفقر ومستوى التعليم وغير ذلك. على مستوى التعليم وجدت الأمية 7% لدى الدول المحتلة ترتيباً متقدماً، بينما وصلت 35% في الدول التي تحتل المؤخرة في التقرير. إضافة لذلك أجريت دراسات على بعض الدول لتحليل مسببات تغير مراكزها في التقرير، أو كيف يمكنها المحافظة على ترتيبها المتقدم.
الخلاصة؛ نقترح دراسة تفاصيل هذا التقرير والاستفادة منه كمؤشر حقيقي لتقدمنا في تحقيق رؤية اقصادية متطورة وفق المعايير العالمية، بما في ذلك الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة. وللمهتمين هذا رابط فلم قصير عن تقرير الحريات الاقتصادية في العالم.
https://www.youtube.com/watch?v=3_HnZa2XSrc