د. عبدالواحد الحميد
حمداً لله، فقد انتهى موسم الحج بنجاح ولم يشهد أي حوادث أو معوقات بالرغم من الأعداد المليونية للحجاج وبالرغم من الظروف المكانية والزمانية الصعبة التي تؤدي فيها مناسك الحج.
التجربة الناجحة جداً لهذا العام يجب الاستفادة منها في الأعوام القادمة. فقبل الموسم كنا نضع أيدينا على قلوبنا تحسباً لأي حوادث قد تقع أثناء الحج. فليس سراً أن هناك من كان يراهن على فشل موسم الحج، وهذا ما عكسته التصريحات التي كانت تصدر من طهران مباشرة أو من خلال المنابر الإعلامية المحسوبة على طهران. وللأسف، كان بعض تلك التصريحات أشبه بالأماني أكثر منه بالتحليلات والتوقعات بأن تحدث فواجع وأحداث كارثية في الحج، وربما أن عدم وقوع مثل تلك الأحداث كان بمثابة خيبة أمل لمن أدلى بتلك التصريحات، فلو وقع المحذور لتعالت أصواتُهم بأنْ قد سبق أن توقعنا ذلك!
ومن المحزن أن تأتي «السياسة» لتفسد المعاني السامية للحج وتخدش روحانيته، فهذا التوظيف السيء يتنافى مع المفاهيم الإسلامية بصرف النظر عن المذاهب والطوائف. وبالفعل فقد كان نجاح موسم الحج مبعث سعادة للحجيج من كل المذاهب والطوائف والثقافات والجنسيات والأعراق.
ما يجب أن نتعلمه من نجاح موسم الحج هو أن التطبيق الحازم للأنظمة والتوظيف الجيد للتقنية وتضافر جهود الأجهزة الحكومية والتوعية الإعلامية المبكرة مفاتيح أساسية لنجاح موسم الحج. فقد رأينا كيف كانت الأنظمة تطبق بحزم على المخالفين الذين جاءوا للحج بلا ترخيص مما كان سينتج عنه الكثير من الزحام والافتراش والإعاقة للحجاج النظاميين لو لم تتم إعادة المخالفين.
كما أن التطبيق الذكي للتقنية أدى إلى توفير إدارة جيدة لحشود الحجاج ومتابعتهم والتأكد من انسيابية مراحل أداء المناسك. ولا شك بأن التقنية الحديثة تقدم الكثير من الحلول العملية التي يمكن الاستفادة منها في إدارة الحج، وهي تقنيات تتطور باستمرار مما يقتضي متابعة الجديد من التقنية وتوظيفه في كل موسم.
أما تضافر جهود الأجهزة الحكومية فقد تجلى واضحاً من خلال التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والصحية ومختلف الإدارات الحكومية، فلم يكن من الممكن تأمين موسم ناجح لو أن كل إدارة كانت تعمل بمعزل عن الإدارات الأخرى أو أن الإدارات المختلفة كانت تتباطأ وتتلكأ في التنسيق مع الإدارات الأخرى في الأنشطة المتداخلة للأجهزة.
أما التوعية الإعلامية المبكرة التي قامت بها وزارة الداخلية وإمارة منطقة مكة المكرمة ووزارة الحج والعمرة ووزارة الصحة وبقية الوزارات والأجهزة الحكومية فقد كان لها دورٌ كبير في وضع الحجاج أمام مسؤولياتهم فيما يتعلق بواجباتهم وما يتعين عليهم القيام به قبل وأثناء وبعد أداء فريضة الحج.
هنيئاً لنا جميعاً بهذا النجاح، وندعو الله أن يكتب النجاح لكل مواسم الحج القادمة، وكل عام ووطننا وجميع بلدان المسلمين بخير.