هدى بنت فهد المعجل
(كنت ألعن حقيقة أنني لا أمتلك حذاءً، إلى أن صادفت رجلاً بلا قدمين).
(مثل فارسي)
تركيزاً على ما لا نملك؛ يجعلنا لا ندرك قيمة ما نملك..
تخيل وأنت تشتكي سمرة بشرتك؛ أنك مولود دون وجه!! مجرد فم وأنف هل ستبالي وقتها بكون وجهك أسمر أو حنطياً، أو حالك السواد!!
قد لا يمكن لنا امتلاك ما لدى الآخرين، وقد لا يتمكن للآخرين امتلاك ما لدينا.. فهل يعترينا البؤس، الحزن، الأسى!! أو يعتريهم..؟! متوقع أن يحدث ذلك.. متوقع لعن حقيقة كونك لا تمتلك حذاء.. متوقع لعن حقيقة كون حذائك متهرئاً.. كما ومتوقع أن يلعن فلان حقيقة كون حذائه رخيص الثمن..!!
بمعنى أن الرضا حالة نسبية.. فهل ستكون كذلك في سويداء شخص بلا قدمين.. أو معاق.. مقعد.. مشلول..!!
في قصيدة مترجمة قرأت:
(ألقى سجينان نظرهما خارج قضبان السجن. أحدهما رأى الوحل، والآخر رأى النجوم في السماء)..
ويتفق معهما في الرؤية من ينظر إلى الكأس نصف الفارغ، أو نصف الممتلئ...!!
كتب شكسبير: (إن ما يظهر الأمور على هذا النحو أو ذاك، هو الفكر لا أكثر).
- قد يكون لحذاء (منتظر الزيدي) دافع نحو حضور الفكرة.. بيد أن الواقع الذي نحياه أكثر حضوراً في الذهن مما سواه.. لماذا؟
- لأن الحذاء ننتعله كي يعيننا على مواصلة السير فيحمي أقدامنا من التشقق ومن الأتربة والأوساخ أو من أي مادة حادة.. الحذاء مركوب الشخص وقائده نحو هدفه وطريقه.. لذا كثيراً ما نرى في الأحلام أنفسنا حفاة.. ونجهل التفسير الدقيق للحلم..
- في حين في موسوعة تفسير الأحلام لـ(ميلر) ورد التالي:
إذا تجولت ليلاً حافي القدمين بأسمال بالية فإن هذا يدل على أنك سوف تكون نهباً للترقب وسوف تحيط التأثيرات الشريرة بكل جهد من جهودك.
هل تفسيره مقنع أو غير مقنع، منطقي أو لا..؟! لا أدري.. لكن الحذاء كثير الحضور كثير الغياب في الحلم!!
ليس بالضرورة أن ننال كل ما نريد، وهذا لا يمنع من محاولة نيله إن كنا نجد لدينا القدرة على المجازفة.. المشكلة في التمني مع التراخي وانعدام المجازفة..!!
بمعنى أن الوضع الذي نعيشه:
إما أن تتقبله وتندمج معه..
أو أن تحاول تصحيحه إن وجدت لديك الرغبة في التطور والتطوير..
من يشكو فقد الحذاء، شكا غيره تهتك أنسجة الحذاء، وشكا آخر رخص الحذاء في قدمه، فهلا أمعنا النظر في فاقد قدميه؟!
هل أمعنّا النظر في الوضع الذي آلت إليه أقدام عشرات الأفراد في غزة!!.. وأرواح العشرات.. وأطفال العشرات منهم.. ونساء العشرات ورجالهم..
لك أن تتصور جسداً مزروعاً تحت الركام ولم يظهر سوى الرأس...
أو جسداً آخر زرع تحت الحطام، حطام غزة وما ظهر هو كفّ صاحبه أو صاحبته..
ثم تخيّل نفسك جسداً بلا رأس..
ذراعين بدون كفين..
هل سيشغل بالك لحظتها الساعة، الخاتم، أو الأساور؟!