د. ناهد باشطح
فاصلة:
((يفضل المرء مجاملة كاذبة على نقد مخلص))
-حكمة لاتينية-
لماذا نخاف النقد؟
نعم نخاف أن ينتقدنا الآخرون، ولذلك نفكر في سلوكياتنا أمامهم أو حتى إن عرفوا بها وانتقدوها، والبعض حتى يخاف أن ينتقد هو الآخرين!!
هل هذا يعود إلى المناخ العام من فقد الحريات في العالم العربي بأجمعه؟ عندما يجد الفرد نفسه قابعاً تحت سيل من التحذيرات من مواجهة الآخر في حال انتقده وكثير من النصائح الأسرية بأهمية رضا الناس، مع أن النقد في حال التعبير عنه وقبوله غاية التحضر.
منذ الطفولة ونحن معرضون للنقد من قبل الوالدين ثم المدرسة حيث المدير والمعلم والطلاب...
من النادر أن تتلقف أسماع الصغار صفاتهم الإيجابية بل الغالب أن الجميع يردد الصفات السلبية ولأننا لا نمنح الأطفال الفرصة أن يعبروا عن رأيهم أو يرفضوا ما نلبسهم إياه من صفات سلبية فهم يتعلمون أن يقبلوا رأي الآخر وإن لم يعجبهم فقط لإحساسهم بالضعف.
النتيجة أن الصغار يكبرون ويبتكرون الأساليب الدفاعية لمواجهة نقد الآخر من خلال العدوانية أو الإسقاط أو التبرير أو أي من ميكانزيمات الدفاع لأنه لم يتح لهم في طفولتهم تفهم معنى أن النقد نوعان هادف ومدمر.
معظمنا يفعل تماماً كما يفعل الطفل الصغير الذي يقطب حاجبيه ويركض إلى غرفته ويقفل الباب بقوة.
ولكنا لأننا كبار فإننا نستطيع تغليف مشاعرنا بسلوك آخر إما الانسحاب من الموقف أو الرد بعدوانية.
الخوف من الآخرين نظراتهم انتقاداتهم هو مجرد برمجة قديمة لم نتخلص منها، حيث لو سألنا أنفسنا ما قيمة هؤلاء المنتقدين في حياتنا لما وجدنا لهم أثراً ولذلك يكفي أن نعي أن كثيراً من أفكارنا بمثابة فزاعة الطيور لا يمكن أن تضر بنا هي فقط للطيور التي ليس لها وعي أو إدراك. أما نحن فعلينا إلا أن نستسلم للبرمجة القديمة وما تعلمناه في الصغر ليس بالضرورة مفيد في الكبر فقد قدمت لنا أسرنا أفضل ما لديها حسب رأيها.
إذن شيء من التقدير المناسب لرأي الآخرين وانتقادهم يمكن أن ينجينا من الخوف الذي إن لم يتضح لنا فهو قابع في دواخلنا يثنينا عن أهم القرارات في حياتنا.