الدمام - عبير الزهراني:
انطلاقا من أهميتها كأحد مقومات التنمية الاقتصادية والأكثر إسهاما في تطوير المجتمعات، وخلق الوظائف، وزيادة حجم الناتج المحلي بما يحقق الاستثمار الأمثل للبنى التحتية وتنوع مصادر الدخل تَحولت السياحة إلى صناعة مؤثرة دفعت بالدول الصناعية إلى الاهتمام بالقطاع وتنشيطه من خلال ضخ استثمارات مالية ضخمة لتطوير بناه التحتية، إذ لم تعد أهمية السياحة تقتصر على ما تحققه من مكاسب ذاتية للقطاع، بل تتجاوزه إلى التأثير الإيجابي في القطاعات الإنتاجية الأخرى، وتشكل بمكوناتها الذاتية حلقة الوصل بين المنتجين والمستثمرين من جهة، وبين المنتجين والمستهلكين من جهة أخرى، إضافة إلى دورها الفاعل في تدفق الاستثمارات المالية الأجنبية.
وأكد عدد من الاقتصاديين في حديثهم لـ «الجزيرة» أن نمو قطاع السياحة وحجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة ما زال محدودا جدا، بالمقارنة مع دول أقل ملاءة مالية، مبينين أن البيروقراطية الإجرائية حدت من النمو فى المشاريع السياحية، إما بسبب تأخير إصدار تراخيص أو التأشيرات أو التغيير المستمر للأنظمتها وقوانينها.
وقال الاقتصادي فضل البوعينين أن تداخل قطاع السياحة مع وزارات أخرى، إضافة إلى محدودية الإنفاق الحكومي فيه، وربما عدم الإيمان بأهميته تسبب في عزوف المستثمرين عنه، مستدركا بأن التفاعل مع خطط الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التنموية والاقتصادية لم يصل حد الكفاية المطلوبة؛ وهذا ما تسبب في إبطاء قوة الدفع التنموية. موضحا أن دعم القطاع السياحي لا يمكن تحقيقه بمعزل عن الحكومة المسؤولة عن التداخل في العمل السياحي الذي ربما تسبب بمعوقات تحد من انطلاقته، وتضعف من قوة مشروعاته وتأخر تنفيذها.
وأضاف: مع انخفاض أسعار النفط؛ وتراجع الدخل باتت الحاجة ملحة لخلق إيرادات بديلة، فإن القطاع السياحي يشكل أهم القطاعات الاقتصادية المولدة للدخل والمحفزة للاقتصاد والمدرة للتدفقات النقدية الأجنبية لو استثمرت الحكومة في بنائه وفق رؤية إستراتيجية شاملة؛ والتزمت بتنفيذ برامج التطوير المقترحة، والقرارات المهمة.
وأردف البوعينين:السياحة بمفهومها القاصر قد لا تحفز بعض الحكومات على التعامل معها كصناعة، ومورد مالي مهم، ومعين لا ينضب للفرص الوظيفية؛ وأداة فاعلة لتحريك التنمية بأنواعها؛ إلا أنها تشكل لدى خبراء الاقتصاد والتنمية العصا السحرية القادرة على خلق المعجزات، ومعالجة كثير من الأزمات متى غذيت بالاستثمارات الحكومية السخية؛ وحصلت على الدعم والرعاية؛ وتحولت إلى صناعة.
ولفت إلى أن البيروقراطية والمشكلات التنظيمية وعدم وجود الرؤية القادرة على التعامل مع المعوقات الطارئة أهدر على المملكة أهم الفرص الاستثمارية التنموية في قطاع السياحة؛ التي كان من المفترض أن تكون جاهزة اليوم، وتسهم بشكل فاعل في دعم مساهمة السياحة في الناتج الإجمالي المحلي وتحقيق بعض أهداف رؤية المملكة 2030. مبينا أننا أمام مفترق طرق؛ بعد إعلان رؤية المملكة 2030 التي تنظر إلى السياحة كأحد أهم قطاعات الاقتصاد، وتدعم تنميتها وتحويلها إلى قطاع منتج يسهم في تنويع مصادر الدخل مستقبلا، وبالتالي فإن دعم هيئة السياحة والتراث الوطني، وتحويل رؤيتها إلى مشروعات وبرامج على أرض الواقع، والتعجيل في تنفيذها هو ما نحتاجه اليوم.
بدوره قال الاقتصادي عبدالله المغلوث إن القطاع الخاص لديه الامكانات الكافية لتنفيذ المشاريع السياحية والترفيهية ولكنه في المقابل يحتاج إلى تسهيل إجراءات اصدار التراخيص اللازمة للاستثمار في تلك المشاريع، مبديا اعتقاده بان البنوك التجارية جاهزة تمويل تلك المشاريع متى ما وجدت دراسات الجدوى التي تضمن نجاحها، مؤكدا تنمية حركة السوق السياحي داخل المملكة مطلب مهم، ولاسيما وأن التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 تتضمن التوسع بالقطاع السياحي والترفيهي بل وإن تلك المشاريع سوف تخلق فرصا وظيفية للمواطنين.
فيما قال العقاري عبدالله العتيبي: بيوقراطية الإجراءات حدت من النمو فى المشاريع بسبب تأخير إصدار تراخيص أو التأشيرات وغيره وخصوصا أن بعض الوزارات تتغير أنظمتها من حين لآخر مما يكبد المشاريع خسائر ويثقل كاهلها وهذا يؤدي الى تعطلها لعدة سنوات، ولابد من النظر والبحث فى إيجاد آلية محددة وموحدة لكافة الوزارات تصب فى مصلحة إنجاز المشاريع، داعيا إلى ضرورة وجود مظلة موحدة لكافة الجهات المعنية بإنجاز المشروعات السياحية.