مدرستنا العزيزية الابتدائية، لا تبعد سوى أمتار قليلة عن منزلنا في الحي القديم، وكنت حينها تلميذاً فيها أدرس في الصف الخامس، عندما دخل إلى مدرستنا (زائرُ غريبُ)! إنه حمارٌ مُهمَلٌ (بفتح الميم المتوسطة).
لقد دخل المدرسة على حين غفلة من حارسها: الرجل الطاعن في السن، دخل أثناء انشغال المعلمين والتلاميذ بالحصص وانتظامهم فيها، كنا ننظر إليه مذهولين من خلال نوافذ الفصل الكبيرة، فقد سمعنا قرع حوافره على الأرض المغطاة بالإسمنت.
الغريب أنّ الحمار الزائر لم تفزعه صرخات التلاميذ وضجيجهم في فصول المدرسة المكونة من طابقين، ولا انزعاجهم من وجوده في مدرستهم، لكنه بدأ هادئاً وبكل (ثقة) أكمل مروره على صفوف المدرسة في الدور الأرضي من خلال الفناء الداخلي وسط دهشة الجميع، حتى أنه لم يستجب لمحاولات مدير المدرسة وبعض المعلمين الذين حاولوا إخراجه (بالقوة) من المدرسة، ولم يخرج حتى ركب أحد مستخدمي المدرسة (فراشيها) على ظهره ليقوده إلى خارجها، بل وبعيداً عنها، عندها طلب مدير المدرسة من (البواب العجوز) إغلاق الباب بالرتاج حتى لا يعود الحمار إلى الدخول مرة أخرى فيسبب إزعاجاً للمدرسة ( تلامذة ومعلمين).
لقد أحدث ذلك الحمار الغريب الذي دخل مدرستنا فجأة، ذعراً وضجيجاً أفسد علينا يومنا الدراسي المعتاد، إنها المرة الأولى التي نرى فيها حماراً في مدرستنا.
من هنا يبرز دور اختيار بواب المدرسة (حارسها) سواء كانت مدرسة للبنين أم مدرسة للبنات، وأن يكون البواب نشيطاً وقوياً وجسوراً، حتى لا يغامر حمار آخر بدخول مدرسة أخرى.