أتاحت لي الرحلة مع العائلة هذا العام تسجيل انطباعات من فحوى قراءات من بينها كتاب «عشت سعيداً» لمؤلفه اللواء طيار/ عبدالله بن عبدالكريم السعدون عن حياته التي بدأها من طفولته ويتمه وشبابه ورجولته إلى ما بعد تقاعده وقبل ترشيحه عضواً بمجلس الشورى.
ففي الربع الأول من كتابه يتحدث عن مراحل وعوائق الطفولة والشباب، وما اعتراهما من شح وقحط وقلة في ذات اليد لأهله وكثير من قومه وجيرانه، وحياة قاسية وموجات من أمراض تعم الوطن منها: الجدري والحصباء والكوليرا والملاريا في زمن قلَّ فيه الأطباء والدواء. وما لوالدته وعمته من دور ريادي وجهد وعمل مُضْنٍ، ومساعي الخير والألفة، والتلاحم مع القربى وذوي الرحم والمجورة. ثم دخوله صراع الحياة من خلال التحاقه بالقوات الملكية الجوية السعودية وتقلده للعديد من المناصب، وما مرَّ به من مفاجآت وعوائق وأسفار ولقاءات، وعون له من رفيقة دربه أم أولاده، وحسن رعايته واهتمامه بوالدته، وما عليه من واجبات أسرية واجتماعية.
لقد جمع بين: الاستقامة والأمانة والانضباط، وكثرة القراءة والاطلاع. مما أوجد لديه قناعة وفلسفة خاصة تجاه الحياة، وما يعترض الصعود إلى القمة من صخور وأشجار وعواصف، وإلى أن الصبر والأمل سلاح للوصول إلى المجد، وأن النجاح أن تزرع قاعدة طيبة في المجتمع، وأن تضيء شمعة تُنير الطريق، وأن من مقومات النجاح رحلة تبدأ من داخل الإنسان ثم تنطلق مجتازة محيط مجتمعه إلى الأفق الواسع، وعليه نبذ العنف ومحاربة الفساد وأن يجعل من قلبه واحة، ويديه كنز عطاء، وما ذلك إلا بتوفيق من الله ثم الانتماء إلى الوطن الذي أغدق علينا بنعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار.
وإلى رحلات تدريبية متعددة خارج الوطن وداخله، يتخللها شيء من المرح والفرح ومواقف ومنعرجات تُعطي دروساً وتطلعات إلى ما هو أنقى وأتقى.
إن حسن التربية وسلامة المسار والرفع المعنوي من دوافع تحقيق الطموح والرفعة والمكانة التي يحققها الإنسان بسعيه وجَلَدِه، ولا أخال سعادة اللواء عبدالله إلا خير مثال لتطلعات الشباب ومساعي الخير والتحصيل الثقافي والمعرفي «ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب». أمده الله بعونه وأقر عينيه بنجاح وصلاح أولاده. إنه جواد كريم.