جاسر عبدالعزيز الجاسر
ليس تبسيطًا للأمر، بل هو واقع فعلاً، فالمال يمكن أن يشتري حتى الولاء، ويتفوق عند بعض السياسيين بما فيهم من يمثل الأمريكيين في الكونجرس، بل حتى القوانين الأمريكية تسمح لمن يبذل المال أن يبني له واجهة سياسية من خلال تكوين قاعدة إعلامية وسياسية، فالقانون الأمريكي يسمح للأمريكيين أن يعملوا كواجهات سياسية وإعلامية لدول أخرى شريطة أن يتم الإفصاح عن ذلك عبر تكوين رسمي يصنف الأمريكي الذي يعمل لصالح الدولة الأجنبية عبر تكوين (لوبي) للدفاع عن مصالح تلك الدول بـ(عميل رسمي) وهو توصيف غير مطابق كما في الدول الأخرى، فالعميل الأمريكي الرسمي معترف به ويعمل متوافقًا مع القوانين الأمريكية.
ما يتيحه القانون الأمريكي استغلته كثير من الدول التي أنشأت (لوبيات) بعضها من القوة بحيث أصبح مؤثرًا في تسيير السياسة الأمريكية الرسمية ويحدث تأثيرًا ولو طفيفًا في توجهات الرأي العام الأمريكي، واللوبي الإسرائيلي الذي لا يقتصر على اليهود الأمريكيين الذين ينتمون للصهيونية، بل يدخل ضمن تشكيلاته ويعمل في إطار نشاطاته أفراد ممن يعرفون بالصهاينة المسيحيين، وتعد لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (التي تسمى اختصارًا أيباك) من أشهر المنظمات الرسمية المنضوية تحت لواء اللوبي.
ولهذه اللجنة تأثير ونفوذ قويان في الولايات المتحدة الأمريكية ويسعى جميع الساسة الأمريكيين وبالذات مرشحو الرئاسة والطامعون للوصول إلى مقاعد الكونجرس كسب ودها والتقرب منها وتبني سياساتها التي تنحصر في دعم وتأييد السياسة الإسرائيلية.
إضافة إلى اللوبي الإسرائيلي هناك (لوبيات) وجماعات ضغط سياسي تدافع عن الدول وحتى عن التجمعات العرقية والدينية، فهناك لوبي داعم للكوريين وآخر للأرمن وبدأت تظهر مؤشرات إلى تكوين لوبي مؤيد للنظام الإيراني، حيث بدأت عناصر هذا اللوبي ومنهم أمريكيون يروجون لهذا النظام عبر وسائل الإعلام الأمريكية ويدفعون عشرات الآلاف من الدولارات لنشر الإعلانات والمقالات المدفوعة الثمن، كالإعلان الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز وتضمن مقالاً لوزير خارجية النظام الإيراني ظريف.
نجاح الكيان الإسرائيلي وقوة الضغط الصهيوني الذي حقق الكثير لإسرائيل، والبدايات التي حققها اللوبي الإيراني لا بد أن تكون حافزًا لعديد من الدول التي تفرض عليها الواقع السياسي الأمريكي وما يشهده من تقلبات أن تعمل على الدفاع عن مصالحها، لتكوين جماعات ومكاتب لتحقيق هذا الغرض، ومثلما تابعنا كيف تمكنت جماعات الضغط الصهيوني أن تدعم السياسات الإسرائيلية الخارجية على القانون والشرائع وأن تدعم الاحتلال والظلم فإنه من باب أولى أن تدعم الدول صاحبة الحقوق الشرعية مصالحها وحقوقها التي انتهك الكثير منها ويكاد يلتهم الباقي.
من هذا المنطلق والدافع الدفاعي عن حقوقنا المشروعة لا بد من العمل على تكوين لوبي سعودي يجمع وينسق وينشط الكثير من الأمريكيين ليس فقط من الذين ينتمون إلى أصول عربية وإسلامية، بل أيضًا من الأمريكيين الذين عملوا في المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية ومنهم الكثير من السفراء والسياسيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال، وهؤلاء يشكلون قاعدة عريضة تحتاج لمن يتصل بها وينسق أعمالها من رجال الأعمال وخريجي الجامعات الأمريكية الذين لا يزالوا على تواصل مع نظرائهم الأكاديميين في أمريكا.
كما أنه لا يجب إغفال الإطلالة على الأمريكيين عبر وسائل الإعلام الأمريكية ونشر الحقائق عن مواقفنا حتى وإن كانت عبر الإعلانات التحريرية والتلفزيونية المدفوعة.