مها محمد الشريف
إذا أردنا تحديد ماهية التعايش السلمي يترتب علينا طرح القضية الأساسية، وهي تطوير الصناعات العسكرية والأسلحة النووية في عصر التداخلات والعلاقات الغامضة والتلاعب بالرأي العام والمضامين السرية وتطوير الصواريخ وبيعها للدول العربية من خلال نافذة «يلدربيرغ»، وعدد من النوافذ الأخرى.
إنَّ التحديات التي تواجهها دول الشرق الأوسط كبيرة، كما أن إدراج حقوق الإنسان ضمن أجندة مسيسة أفقدها شفافيتها وسعادتها حتى أصبحت قِطعًا منحوتة جامدة. وعلى المجتمعات العربية المطالبة بالعدالة والإنصاف، وإدانة العالم الصناعي الذي كبَّد الإنسان خسائر فادحة بتحكمه المفرط في آلة الدمار، والحرص على تصنيع الأسلحة النووية، وملء الترسانة النووية بالقنابل والصواريخ، وكأنهم حددوا أهدافهم لإبادة أحلام وآمال العالم الثالث في الحياة.
إذًا، هاجسنا الأهم هو كشف جزء من تفاصيل التلاعب بالرأي العام العالمي والاجتماعات التي تعقد تحت غطاء سياسي مبهم، تعاقبت عليه الأسماء التي شغلت مناصب قيادية سابقة وخبرات سياسية كبيرة في مجموعة سميت «بيلدربيرغ»، رئيسها الأول المسؤول عن الدعوات هنري كيسنجر ونخبة كبيرة من اقتصاديي وساسة العالم الكبار.
والاجتماعات التي تعقد كل عام لها أهمية كبيرة؛ إذ قال عنها المفكر الفرنسي تييري ميسان: «إن مجموعة بيلدربيرغ هي جنين لحكومة عالمية»، بعدما وصل إلى محفوظات بغاية السرية لهذه المجموعة، يشير فيها ميسان إلى وصف مضلل استُخدم لإخفاء الهوية الحقيقية لهذه المجموعة المؤلفة من شخصيات مؤثرة عالمية، ليست إلا أداة ضغط يستخدمها حلف شمال الأطلسي لترويج مصالحه. إن الأمر لهو أكثر جدية وأكثر خطورة؛ لأن منظمة حلف شمال الأطلسي تطمح إلى أن تصبح حكومة سرية عالمية، تضمن استدامة الوضع الراهن الدولي، ثم تحولت بيلدربيرغ إلى منظمة بعد انسحاب الأمير بيرنهارد بفضيحة استغلاله نفوذه «فضيحة لوكهيد مارتن»، وفقدت المجموعة طابعها الرسمي.
فهل يجدر بنا التفتيش في الوثائق السرية لمعرفة ما يدور في العالم، ومتابعة أخبار وأحداث المجموعات أو المنظمات، والاطلاع على أغراضها، أم ننتظر نتائج هذه الاجتماعات والدراسات فقط؟
إذًا، لا غرابة أن تتكون تلك المنظمات وفق أدواتها وقيمها بعيدًا عن مصالح العالم الآخر، وتظل لوبيًّا قويًّا يحرك العالم، ويسيطر على القرار السياسي، ويستعرض بشكل منظم القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية للدول المشاركة في هذا الحلف (حلف شمال الأطلسي). وهذا ما لمح له الفرنسي ميسان الذي أكد أن «السلطة الحقيقية الوحيدة في الغرب هي حلف شمال الأطلسي، وإضافة إلى مهامها الرئيسية دعوة شخصيات روسية إلى مجموعة بيلدربيرغ في اجتماعاتها السنوية. ولن يطلب من تلك الشخصيات التأثير على الرأي العام في روسيا لأمركتها، ولكن لإقناع روسيا بالتخلي التام عن أحلام العظمة الماضية».