د. عبدالواحد الحميد
قُبيل عيد الأضحى مباشرة، وفي قمة انشغال الأجهزة الأمنية لتأمين السلامة والأمن لحجاج بيت الله الحرام وحماية حدود الوطن من المعتدين، أعلن المتحدث الأمني بوزارة الداخلية عن إحباط محاولات لتهريب ستة أطنان من الحشيش ومليوني قرص امفيتامين وأكثر من 131 ألف قرص خاضع للتداول الطبي وأكثر من أحد عشر كيلو غراماً من الكوكايين الخام وأكثر من أربعة كيلو غرامات من مخدر الشبو الخام، و693 طناً من القات.
ومن حين لآخر تعلن الجهات الأمنية عن القبض على أشخاص من مختلف الجنسيات أثناء محاولاتهم تهريب المخدرات بكل الوسائل، بما في ذلك إخفاؤها في أحشائهم، بل إن وكالة الأنباء السعودية أعلنت في شهر جمادى الأولى الماضي (فبراير 2016) نقلاً عن مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أن هناك مصانع سرية في الخارج متخصصة في تصنيع المخدرات للسوق السعودية وإن المادة المخدرة التي تحتويها عقاقيرها لا تتعدى عشرة بالمائة في حين أن الباقي هو عبارة عن مواد مدمرة للعقل، كما أن الكميات المضبوطة منها تعادل الثلثين من معدل المخدرات في العالم.
وقد كتبتُ في ذلك الحين مقالاً هنا في الجزيرة بعنوان «مخدرات تصنع لنا خصيصاً»، ووجدت الكثير من التفاعل ممن قرؤوا ذلك المقال، وبخاصة من خلال التعليقات والتغريدات عبر «تويتر». ولاشك بأننا جميعاً نلمس الامتعاض الشعبي من ظاهرة تهريب وترويج وتعاطي المخدرات في بلادنا، وهي ظاهرة موجودة في جميع أنحاء العالم لكنها متفاقمة ولافتة عندنا وتهدد بتدمير مستقبل شبابنا ما لم نسارع إلى تشديد العقوبة على كل من يثبت تورطه في هذه الجرائم بما يتجاوز العقوبات المعمول بها حالياً، وألا تكون العقوبة مقتصرة على من يتم القبض عليهم بالجرم المشهود، بل أيضاً على كل الوكلاء السريين وهم أسماك القرش الكبيرة الذين يغررون بصغار المهربين والمروجين.
إنني أتفهم ما قام به الرئيس الفلبيني من إصدار أوامره لإطلاق النار على كل من يتورط في جرائم المخدرات في بلاده. وإذا كنا نأخذ عليه تسرعه أحياناً قبل إتاحة الفرصة لإجراء محاكمة شفافة للمتهمين، فإن حجم التدمير الذي أحدثته المخدرات في المجتمع الفلبيني يفسر هذه الشدة التي جعلت رئيس الفلبين محل انتقادات المنظمات الإنسانية العالمية وما تبع ذلك من تفوه الرئيس الفلبيني بعبارات قاسية بحق الرئيس الأمريكي أوباما واضطراره للاعتذار وسحب تصريحاته.
نعم لابد من الحزم الذي يصل حد القسوة مع مهربي ومروجي المخدرات، فهم ليسوا بشراً بل وحوش، وهم خطر وخيم على المجتمع ولابد من معاملتهم بالحزم والسرعة المطلوبتين لتخليص المجتمع من شرورهم.