الظُّلْمُ حِيْنَ يَعِيْشُه الإِنْسَانُ
تَبْكِي أَحَاسِيْسٌ لَه وَكِيَانُ
لَكِنَّه إِنْ جَازَ مَا يَعْتَادُه
فَسَعَى إِلَيْه بِه صَدَىً وَمَكَانُ
وَاجْتَاحَه مِمَّا يُؤَمِّلُ بَيْنَهُمْ
عَدْلاً سَيَصْمُتُ وَاقِعٌ وَزَمَانُ
قَدْ أَفْزَعْتْنَا صُوْرَةٌ سُوْرِيَّـةٌ
حَلَبِيَّةٌ بِإِطَارِهَا عُمْرَانُ
سَنَوَاتُـه خَمْسٌ وَأَيُّ طُفُـولَـةٍ
فِي جِيْلِه تَغْتَالُهَا الأَحْزَانُ؟
طِفْلٌ وَآلامٌ تَجَاوَزَ وَصْفُهَـا
شِعْراً بَكَتْ مِنْ هَولِهَا الأَوزَانُ
فَسَل الغُزَاةَ الرُّوسَ عَن أَوهَامِهِمْ
فَرُؤُوسُهُمْ بِرِهَابِهَا سِنْدَانُ
هَلْ بَاتَ طِفْلُ الخَمْسِ يُرْهِبُ حِلْفَهُمْ
وَبِه لإرْهَابِ الطُفُوْلَةِ دَانُوا؟
قَصَفُوه وَيْحَ الرُّوسِ فِي جَبَرُوْتِهِمْ
فَهَوَى عَلَيْه وَأَهْلِه البُنْيَانُ
بالطَّائِرَاتِ وبِالصَّوَّارِيْخِ اقْتَفَتْ
قَصْفاً بَرَامِيْلَ النِّظَامِ فَكَانُـوا
طِفْلٌ وَأَطْفَالٌ سُوَاه تَيَتَّمُوا
أَو أَنَّـهُـمْ قَتَلَتْـهُـمُ النِّـيْـرَانُ
قَدْ أَخْرَجُوه مِن الـرُّكَـامِ مُضَرَّجـاً
بِدِمَائِه فَإِذَا بِه عُمْرَانُ
أَبْكَى مَلايِــيْـنَ العُيُونِ وَمَا بَكَى
فَالدَّمْعُ فِي عَيْنَيْه لَيْسَ يُهَانُ
فَالصَّمْتُ يَحْكِي قِصَّةً مَخْنُوقَةً
بِالظِّلْمِ يَرْوِي وَقْعَهَا الشَّيْطَانُ
مِنْ رَأْسِه مَسَحَ الدِّمَاءَ بِكَفِّه
فَرَأَى النَّزِيْفَ يَضُخُّه الشِّرْيَانُ
فَبَدَا عَلَيْه حَيَاؤُه مِنْ مَسْحِهَـا
عَنْهَا بِكُرْسِيٍّ وَذَا الإمْكَانُ
فَكَأَنَّمَا حَلَبٌ تَشِيْرُ بِطِفْلِهَا
أَنَّ الحَيَاةَ بِنَبْضِهَـا عُمْرَانُ
سَتُعِيْدُ بُنْيَتَهَا الَّتِي قَدْ هُدِّمَتْ
وَيَعُودُ يَعْمُرُ أَرْضَهَـا السُّكَّانُ
وَكَأَنَّمَا عُمْرَانُ فِي إيْحَائِه
رَمْزٌ لِعُمْرَانٍ لَهَا سَيُصَانُ
سَتَظَلُّ تَارِيْخاً يُزَمْجِرُ سِفْـرُه
بِالرُّوسِ حَتَّى يَنْتَهِي الطُّغْيَانُ
ويَظَّلُ عُمْرَانُ الطُّـفُـولَـةِ وَصْمَـةً
تَغْتَالُهُمْ فَالصَّمْتُ منْه بَيَانُ
حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ بِهمْ سُورِيَّـةٌ
وَتَرَاجَعَتْ عَنْ دَعْمِهِمْ هَمِدَانُ
وتَبَيَّنَ الفُرْسُ المَجُوسُ بِأَنَّهَا
قَدْ أُخْضِعَتْ فِي بَغْيِهَا إِيْرَانُ
عُمْرَانُ سَوْفَ يَكُونُ رَمْزَ هَزِيْمَةٍ
لَهُمَا إِذَا يُسْتَقْرَأُ العُدْوَانُ
وَيَعَيْشُ بَشَّارٌ لَدَى أَسْيَادِه
فِي مَخْبَإٍ سَجَّانُه النِّسْيَـانُ
بَلْ إِنَّه سَيَمُوتُ مِيْتَةَ ظَالِمٍ
تَعْتَرُّ مِنْ جُثْمَانِه الأَكْفَانُ
- د. عبدالرحمن الواصل