فهد بن جليد
يعجبني تكاتف المُستهلكين المصريين مع بعضهم في وجه الغلاء وارتفاع الأسعار، وهي ظاهرة قديمة ومُتجددة في المجتمع الصامد أمام جشع التجار، مؤخراً تعرَّفت على تطبيقات ذكية على الهاتف المحمول في القاهرة، أطلقها بعض الشبان هناك مثل (ياقوطة)، (بكام في مصر)، (فلوسي فين)، (توفير دت كوم)، وكلّها تطبيقات تساعد المُستهلك في معرفة المكان الأفضل والأرخص لصرف فلوسه؟!.
على المُستهلك السعودي أن يستفيد من مثل هذه التجارب الشعبية، ويُشمِّر عن ساعديه، بعد أن ثبت نوم كل من له علاقة بحقوق المُستهلكين في أسواقنا، مع تزايد حيل استغلال الزبون ليدفع أكثر، إمَّا بالتلاعب في الأسعار بين متجر وآخر؟ أو الكميات والجودة بين مُنتج وآخر؟ وهي مسرحية يتقاسم (أدوار البطولة) فيها تجار الجملة والتجزئة، بينما تشاركنا الجهات الرقابية (مقاعد الجلوس) بين المُتفرجين؟!.
العلاقة بين المُستهلك والتاجر في أسواقنا يُفترض أن تكون (علاقة ثقة) مبنية على المصالح والمنافع لكلا الطرفين، بينما تلعب (الجهات الرقابية) دور الضبط والرقابة (بالمنع والتصحيح والعقاب)، وفق مراعاة الأنظمة الرادعة لأي تجاوز مُحتمل، والواقع أن هذا الدور ضعيف -إن لم يكن غائباً في الأصل- لأنَّ معظم العقوبات الصادرة من وزارة التجارة والاستثمار كانت (عقوبات تصحيحة) لعلاقة التجار، وحفظ (المصالح التنافسية) فيما بينهم!.
صمت المُستهلك وقبوله (راغما) بواقع الحالة المعيشية، ومُحاولات تغيير الأسعار والكميات من التجار دون رادع، لن يزيد المعادلة إلا تعقيداً مع غياب ثقافة (المُقاطعة)، وهو ما يُنذر بظهور (واقع جديد) علينا الاستعداد للتكيِّف معه معيشياً، ما لم نُظهر رفضنا لكل محاولات الاستغلال ونفضحها، لتصحيح المسار بالاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى التي تمر بذات المأزق؟!.
بالتجربة التراكمية والخبرة السابقة، لا تستيقظ (وزارة التجارة والاستثمار) عادة، ولا تتحرك (حماية المُستهلك)، ما لم يقودهما المُستهلك نفسه لحفظ (مصالحه)، فالصراخ من (لهيب الأسعار) لا يكفي وحده؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.