ميسون أبو بكر
تقرع الريح نوافذ الصباح، وتظلل الغيمات الأرض التي اصطلت بالشمس، ويعبق النسيم المحمل بعطر الخزامي في أنحاء المكان، وتكاد نفحات البقاع المقدسة تشعر بها في كل ركن وكل منطقة ووادٍ وسهل وجبل في مملكتنا، فتكبر وتهلل وتسبح وتصلي على النبي المصطفى محمد بن عبدالله، وكأن بجسدك حيث أنت وروحك تذهب هناك تطوف وتسعى وعين قلبك على حجاج بيت الله الحرام، يخفق نبضك في عروقك وتلوح بأكف القلب للمتوشحين بالبياض القادمين من كل أنحاء المعمورة يقصدون بيت الله ويؤدون مناسك الحج في أيام معدودات.
وطني المملكة العربية السعودية تهفو له الأفئدة، هو محط أنظار العالم واهتمامه، ومقصد الحجاج في هذه الأيام الفضيلة التي سخرت كل الإمكانات لاستضافة ضيوف الرحمن وخدمتهم.
من في الديار المقدسة والمشاعر وما نقلته شاشات التلفاز المحلية والعالمية قدم الصورة الحقيقية للجهود العظيمة التي تقدمها المملكة منذ زمن مضى إلى الوقت الحالي، وأن الملايين التي تؤدي الفريضة وتجتمع في مكان واحد في الزمن ذاته والتاريخ ذاته من كل عام لشاهد على عظمة بلادنا وكل الإمكانات المسخرة في موسم الحج وكل الطاقات المكلفة، فهذا الجمع المليوني قد لا يمكن مقارنته بأي جمع آخر وإن كان أقل بالآلاف، فإن مهرجانًا صغيرًا أو موقعًا سياحيًا يرتاده بعض المئات في دول عظمى قد لا يضاهيه تنظيمًا وتفاديًا للمعوقات التي قد تحصل أو لحالات الاختناق أو المشكلات الأمنية التي تحتمها اللحظة والعدد والاحتشاد. للمملكة قصة مجد وحكاية ترويها الحقائق وتفند الأباطيل والاتهامات والتهديدات التي تأتي من جهات معادية تضمر الشر ليس للمملكة فقط بل للمسلمين.
المملكة التي تشرق من أرضها الحضارات وهي مهد الوحي وقبلة المسلمين والحضن الآمن للملهوف واللاجئ والمشرد، وإن أياديها البيضاء ممتدة ومساعيها الطيبة ومواقفها يشهد عليها القاصي والداني فإن قصة مجدها أهزوجة يتناقلها الصغير والكبير وتدلل عليها مواقفها الشريفة الناصعة والصامتة دون منة.
يا مرحى بضيوف بيت الله الذين هب أهل المملكة وأهل مكة والمتطوعون والكشافة ورجال الأمن الرائعون وكل الجهات لمساعدتهم على أداء فريضتهم بيسر، المملكة التي تشع عطاء والتي تحسب لها مواقفها الإنسانية مع كل مظلوم والتي لا تتوانى في عمل الخير والمبادرة بنصرة المكلوم والمظلوم تحكي في كل تفاصيلها قصة مجد يخطها التاريخ بأحرف من ذهب وفي ذاكرة من لمسوا هذا.
تحية لزملائي الإعلاميين في وزارة الثقافة والإعلام والتلفزيون السعودي والصحف الذي جنّدوا طاقاتهم لهذا الحدث السنوي الجليل الذين كغيرهم من رجال الأمن تَرَكُوا أسرهم في أيام العيد لينقلوا الشعائر للجميع.
تحية القلب لك. يا وطني، ودعاء الروح أن يحميك الله من الحاسد والغاصب والمعتدي والطامع والمريد شرًا بالمسلمين.