فهد الحوشاني
لأول مرة منذ قيام الثورة الخمينية تقوم إيران بعمل يصب في صالح المسلمين، ويحسب لها، دون أن تخطط لذلك!! فكانت تتوقع أن قرار منع حجاجها سوف يكون لصالحها، ويحرج المملكة، فجاء لصالح حجاج بيت الله لا لصالحها، فإذا السحر ينقلب على الساحر! فخلافًا لكل الأعوام الماضية أدى ضيوف الرحمن مناسكهم بدون نزاعات ولا جدال ولا مسيرات! كان هذا المكسب العظيم الذي كسبه المسلمون من منع إيران حجاجها، أو بالأحرى امتناعها عن إرسال عناصر مخابراتها، الذين لا ينفكون في كل عام يحاولون تسييس الحج مسببين الأذى والإزعاج بهتافاتهم وشعاراتهم الكاذبة! بمعنى أن الغياب كان في محله جدًّا، وبدلاً من ذلك وجَّهت (حجاجها) لزيارة قبر الحسين - رضي الله عنه - محدثة بدعة جديدة في الإسلام ومضللة عوام مواطنيها بأن الحج إلى الحسين أفضل من الحج إلى مكة! بل إن الله ينظر إلى من وقف إلى قبر الحسين قبل أن ينظر إلى من يقفون في عرفة!! لسبب نسأل أنفسنا كيف لمن يقول إنه مسلم أن يصف حجاجًا يتباهى الله بهم بمثل ذلك الوصف لولا أنه الضلال؟! ولا مجال هنا للتطرق له، لكنه موجود في اليوتيوب. والحج إلى قبر الحسين الذي تشجعه الثورة الخمينية عمل قصد به المزايدة على رب العالمين، وفتح شعيرة حج جديدة، تنافس شعيرة الركن الخامس؛ ما يعني أن الحج إلى مكة ليس مهمًّا ما دام يوجد لديهم البديل (الأفضل) من وجهة نظرهم بحسب توجيهات مرشدي وملالي إيران!! إذا كان ذلك الغياب في محله إلا أننا نشفق على المواطنين الإيرانيين المسالمين الذين منعتهم السياسية الإيرانية المتعجرفة من أداء مناسك الحج؛ إذ أدخلتهم عنوة في نفق المزايدات والمراهنات التي باءت بالفشل!
والحمد لله؛ فقد أتم الله نعمته على الحجاج، ولم يحدث ما كان يحدث في كل عام بعد أن غاب الفاعل الذي كان يتسبب بكل المشاكل التي تحدث! ولقد فضحهم الله تعالي من حيث لا يحتسبون؛ فـ(غيابهم) أثبت (حضورهم) في كل الجرائم! وكنت أتمنى أن يكون هذا الغياب منذ سنوات؛ حتى لا يتمكن عناصرها من إحداث ما حدث في المواسم الماضية من مشكلات! وإذا كان المثل الشهير يقول (من فمك أدينك) فأنا أقول لإيران (من غيابك أدينك)! لقد أدانت إيران نفسها بغيابها عن الحج، وأدى المسلمون مناسكهم بكل راحة وطمأنينة! وإذا كان وزير الخارجية الإيراني قد قال (إن ديننا غير دين السعودية) فلقد صدق وهو كذوب؛ فلقد أخرج نفسه وأمته من دين المسلمين الذين يرون بطلان ما هو عليه، ويرون أن السعودية هي قبلة المسلمين وحامية الديار المقدسة!
وبعد نجاح موسم هذا الحج لا يسعنا إلا أن نهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - والشعب السعودي الكريم الذي شرفه الله بخدمة الحجاج بكل مؤسساته ومتطوعيه.. فقام بهذه المهمة السامية على خير وجه.. وكل عام وأنتم بخير.. وحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور.