ماجدة السويِّح
«فرِيّا ديفيد» امرأة تعاني متلازمة داون، حازت الاهتمام الإعلامي بأمريكا بعدما أنهت رحلة عمل استمرت 32 عامًا في العمل محضّرة للبطاطا المقلية بماكدونالدز. تلقت» فرِيّا» الكثير من الهدايا والتشجيع بعد تقاعدها من العمل بعمر الـ52؛ إذ تستعد للراحة والاسترخاء في مركز للرعاية والدعم لذوي الاحتياجات الخاصة بعد ثلاثة عقود من العمل الجاد وخدمة عملاء المطعم.
تجربة «فرِيّا» استدعت للذاكرة تجربة أخرى لطالب جامعي من متلازمة داون، شهدتها في بداية ابتعاثي؛ إذ اعتدت مع زميلاتي في بعض الأحيان أن أتقاسم طاولة الأكل في وقت الراحة مع «محمد» الطالب الجامعي من متلازمة داون بروحه الجميلة والمبادرة للتعرف على الطالبات والطلاب في الجامعة. «محمد» ذو الأصول العربية من اليمن يملك ذاكرة جيدة لتذكر من يتعرف عليه، ومهارات اجتماعية لتقديم نفسه للجميع بدون خوف أو خجل. في البدء كان حضور ذوي الاحتياجات الخاصة للعمل في كافتيريا الجامعة أو الدراسة في الفصول الدراسية مثيرًا لدهشتي وفضولي عن عملية الدمج والجهود لتحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة.
تجربة «محمد» في مؤسسة «هيلين كلير» بجامعة جورج ميسون تجربة تستحق أن تُروى لمحاكاتها في بلادنا التي تعاني نقص البرامج والخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة، وبرامج تحسين الحياة والتأهيل للعمل والعيش كفرد منتج وفعال. تقدم المؤسسة البرنامج لمن يعانون متلازمة داون، التوحد وإصابات الدماغ لخريجي الثانوية بين عمر 18 - 23 عامًا لمدة أربع سنوات. يركز البرنامج على الجوانب النظرية والعملية والتثقيف في عملية الاتصال، وتحسين الحياة الاجتماعية من خلال تشجيع الطلبة على المشاركة في مختلف الأنشطة والمنظمات مع الطلبة من مختلف الأقسام.
يخضع الدارسون لبرنامج تدريب داخلي لتعلم مهارات العمل بإشراف أخصائي للتوظيف لمتابعة تقدم الطلبة، والتأكد من القدرة على تحمل التدريب المهني والعمل؛ ليتلاشى الدعم والمتابعة تدريجيًّا للعمل بدوام كامل في الجامعة أو خارجها. يواصل 5 % من الخريجين التعليم لمرحلة الدراسات العليا.
مواصلة ذوي الاحتياجات الخاصة للتعليم والتدريب والحصول على فرصة للعمل قضية تشغل الأهالي الذين يعانون تحمُّل نفقات المدارس الخاصة، وقلة وتدني جودة البرامج المقدَّمة لأبنائهم؛ لذا يعمد البعض لإرسال أبنائهم للعيش بمراكز في الأردن مثلاً لتلقي التعليم والتأهيل من خلال برنامج الابتعاث الذي تقدمه وزارة التعليم.
المشكلة أنه رغم حاجتنا لمؤسسات تُعنى بهذه الفئة وتحسن من الخدمات والبرامج المقدمة، نجد تجاهل الوزارة للحاجة القائمة، ومعاناة الأهالي من ذوي الاحتياجات الخاصة. خريجو التربية الخاصة قوى معطلة بأمر الوزارة التي تجاهلت الحاجة لاستثمار التخصص في تطوير آلية العمل القائمة، والخدمات التي تقدَّم لذوي الاحتياجات الخاصة.
وأخيرًا: هل ستشهد مدارسنا وجامعاتنا قريبًا مراكز لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، وإدراجهم في الحياة الاجتماعية كعضو فعال ومنتج؟!!