مها محمد الشريف
عندما يكون الخروج عن المألوف مقبولاً فإن هناك جانباً من الحياة تعرض للاستعمار والاستعباد وتم استئصاله من الشرعية الدولية، وشيئاً ما يقود إلى الاستبداد المنافي للعقول، إذ إن الحرب العالمية الأولى -حرب الإمبراطوريات الأوروبية- التي ذهب ضحيتها الملايين من المقاتلين وتشرد على إثرها ملايين، اشتعلت شرارتها نتيجة لسببين هما تعثر الدبلوماسية والتوسع الاستعماري.
لن يكون بمقدور الإنسان تأسيس عالم جديد خالٍ من الدمار، بل إن صفحات الماضي ملطخة بالدماء وما من شك أن أكثر الحروب دموية؛ في تاريخ البشرية كانت الحرب العالمية الثانية -حرب دولية إستراتيجية- باختصار كانت أكبر كارثة تاريخية في العالم.
وهكذا كانت أكثر الأحداث في تلك المرحلة، خارجة عن المألوف رغم وجود خارطة سياسية وعسكرية وبنية اجتماعية لم تمنع وقوع تلك الحرب المدمرة، واليوم رغم كل هذا التطور، تواصلت الجهود لإنهاك البنية السياسية والاقتصادية وإضعافها في دول العالم الثالث، وهذا يشي بأن هناك خطوات تندرج ضمن المغالطات لإرجاع العالم برمته إلى الخلف.
إن صناعة الحاضر وقوانينه ما زالت قيد التداول في أروقة الدول العظمى فهي بين دفاع وهجوم ورفض وقبول وقد بلغ وضع الشرق الأوسط مستويات مأساوية.
إذن، لا بد لهذه السياسة من معين آخر تنهل منه، فضحالة هذا الموقف غير منطقية وليس هناك بوادر سلام تذكر، بل ما زال إشعال فتيل الحرب قائما والشرعية الدولية غائبة سواء كانت في سوريا أو العراق وكذلك الحال في ليبيا.
ومعنى هذا أن المشاركين في الحربين الأولى والثانية هم من يملك القرار -قرار الحرب والسلم- ويشاركون في حل الأزمة السورية والعراقية، وهناك مشهد تقارب بين إيران وأمريكا أوجد عدة نقاط للتساؤل حولها، دولة لها سجل حافل بالاعتداءات على البعثات الدبلوماسية تناصب العداء للدول السنية وعلاقة مهيمنة على العراق ولبنان وسوريا وتمد الحوثيين بالسلاح.
كيف تكون الأمور مختلفة وروسيا تعود قوة عظمى من خلال الشرق الأوسط، إذ قالت صحيفة الإندبندنت: (إن الشراكة العسكرية مع أميركا ربما تساعد روسيا على استعادة وضعها كدولة عظمى الذي فقدته بانهيار الاتحاد السوفياتي، كما أنها حافز قوي لموسكو للتعاون في الحرب ضد داعش).
فالعقول تفسر الأحداث عطفاً على أسبابها والقواسم المشتركة بينها، فقد صنعوا الثورات وتسللوا إلى التكوين الاجتماعي بدعوى مصالح الشعوب واستقلالها وتم توزيع مفهوم التطرف بنسب متفاوتة، فهل ستكون هذه الحرب دينية كما سبقتها من الحروب الدينية في أوروبا.