د.علي القرني
سيشهد التاريخ في 8 نوفمبر أن دونالد ترامب كان أكذب مرشح رئاسي مر على الولايات المتحدة إذا لم ينجح في الانتخابات، وسيشهد التاريخ أنه في حالة فوزه سيكون أكذب رئيس أمريكي مر وسيمر على البيت الأبيض خلال ثلاثة قرون مضت.. هذا هو دونالد ترامب الشخصية التي لا يمكن التنبؤ بها مطلقا، فقد تحالف مع الأعداء، وانتقم من الأصدقاء، وغرر بالبسطاء، وتفنن في أساليب الخداع والتضليل، حتى أنه أصبح سيد الخداع الأول في القرن الحادي والعشرين..
ولا شك أن السياسيين من داخل الولايات المتحدة الأمريكية ومن خارجها سيحتارون كيف يتعاملون مع هذا الرجل الذي بات يكذب ويكذب ويكذب حتى صدق نفسه، فيكفي أنه يقول تعليقاً على الالتهاب الرئوي الذي أصيبت به هيلاري كلنتون إنه سيكون أكثر رئيس أمريكي بصحته وسلامته التي لا تقارن بأي رئيس آخر في تاريخ الرئاسة الأمريكية، ويكفي أنه أسس جمعية خيرية باسمه، وطلب من القائمين عليها أن يجمعوا التبرعات ثم يقوم هو بالتبرع بهذه التبرعات باسمه على أنها من ماله الخاص. ويكفي ويكفي..
هذه الشخصية أقل ما يقال عنها إنها شخصية تريد أن تصل إلى سدة البيت الأبيض بأي طريقة كانت، فهو يتهم ويتهم ويتهم الجميع، ويشجب ويشجب كل صغيرة وكبيرة من خصمه المنافس مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلنتون دون أن يكون هناك عقل أو منطق وراء هذه الاتهامات.
وقد تبرأ من قادة حزبه الجمهوري لأنه يغرد بقضايا الحزب بعيداً عن مركزية القضايا الحزبية، وأصبح هو (الأنا الكبرى) في الحزب الجمهوري دون أن يكترث للأصوات والعقول التي يزخر بها هذا الحزب سواء كانوا حكام ولايات أو نواب أو شيوخ في الكونجرس، مسئولين محليين ولم يعد يأبه لأحد في الولايات المتحدة.
ويطالب الجميع بالاعتذار ولكنه هو لم يعتذر من أي شخص أو جماعة أو مواطنين أو دول، بسبب طروحاته الشاذة عن قاعدة الأدب أو الدبلوماسية، وسيظل دونالد ترامب غامضا جدا لم يفصح عن أي شيء في حياته، بما في ذلك الحسابات الضريبية لأمواله، وبات من المؤكد جداً أن أمواله قد تحصل عليها بأساليب غير مشروعة، ويكفي أن شركاته تقوم باستقدام عمالة مهجرة كبيرة جداً من الخارج، وهو صاحب نظرية طرد المهاجرين، وبناء جدار حدودي مع المكسيك.
دونالد ترامب كما ذكرت في بداية المقال، سيكون هو (جوبلز) القرن الحادي والعشرين لأنه اختط لنفسه أن يكذب ويكذب ويكذب حتى يصدقه الرأي العام الأمريكي على وجه الخصوص، وكان أستاذه جوبلز (وزير الدعاية في عهد هتلر) يؤمن بأنه كلما كانت الكذبة كبيرة جداً كان الناس أولى أن يصدقونها، وهذا هو جوهر الحملة الدعائية التي يعمل عليها ترامب منذ أن بدأ مشواره باحثاً عن كرسي الرئاسة الأمريكية قبل أكثر من عام ونصف العام تقريباً.
وفي الاتصال السياسي الذي يدرس ويناقش في الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث ستبقى حملة دونالد ترامب هي النموذج الفريد الذي يحتكم إليه في جنون الحملات الانتخابية وكذبها وعدم مصداقيتها، وسيكون ترامب هو أسوأ نموذج قاد حملة انتخابية في تاريخ الحملات الرئاسية الأمريكية.
كما سيشهد التاريخ بأن ترامب في حملته قد حولها إلى حملات شخصية أكثر من كونها حملات تتناول القضايا.
ومن المعروف أن الحملات الانتخابية تستهدف تسليط الضوء على توجهات المرشحين نحو القضايا الوطنية والدولية، حتى يتعرف الناخب الأمريكي على توجهات كل مرشح، ولكن ترامب متعمداً عمل على تحويل هذه الحملات إلى حملات شخصية بحتة، لأنه لا يمتلك رؤية واضحة نحو القضايا الوطنية الأميركية والقضايا الدولية.