د. فوزية البكر
لا شك أن هدف كل مسلم هو أداء فريضة الحج والصلاة في المسجد الحرام الذي تعادل الصلاة فيه مائة ألف صلاة فيما سواه وهو الهدف الذي تسعى المملكة العربية السعودية الى تحقيقه مع الأخذ بعين الاعتبار الزيادة الهائلة للمسلمين واستحالة استيعاب المشاعر المقدسة لكل راغبي الحج والعمرة من المسلمين في أنحاء العالم.
ورغم الأهمية القصوى التي تضعها المملكة لموسم الحج بتسخير كافة إمكاناتها المادية والبشرية لخدمة حجاج بيت الله إلا أن الكثيرين منهم (وبعضهم مواطنون) قد يجهلون ما تقوم به المملكة من جهود متواصلة عبر عقود زمنية طويلة وتحديداً في عهد الدولة السعودية بدءاً بالملك عبدالعزيز رحمه الله مروراً بمشاريع التوسعة التي كانت في عهود الملوك اللاحقين، الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله وحتى الملك سلمان، هذا إضافة الى الكلفة التشغيلية السنوية بشرية ومادية التي تتحملها المملكة لتيسير موسم الحج للمسلمين باعتبارها المسئول الأوحد عن بلاد الحرمين وعن سلامة الملايين من الحجاج خلال أدائهم لهذه الشعيرة المقدسة بعيدا عن المزايدات والمشاحنات التسييسية .
لكن يبدو ومهما حاولنا تحييد موسم الحج والتفاني في خدمة الحجاج بحيث يشغلنا هذا الدور العظيم عن غيره من الأدوار المستحدثة في زمن العولمة والاقتصاد الرأسمالي الا اننا اليوم بحاجة الى استخدام كل الوسائط المتاحة في عالم اليوم لتبسيط الحقائق وإيضاحها لكل حاج فلعل وعسى أن يساعدنا هذا في تهدئة النفوس الصاخبة وتحييد موسم الحج ليبقى ضمن أهدافه الدينية البحتة.
لن تتحقق سلامة الحجاج وهي المهمة الأعظم الا بمشاركة كل حاج عن طريق إشعاره بدوره كمسلم في تيسير متطلبات الحج لنفسه ومن حوله ولكل مسلم يشاركه أداء الشعيرة.
ولعل من ابسط الوسائل في ذلك مثلا إعداد ملف بسيط بكل اللغات تعده إدارة الحرمين الشريفين ويجده كل حاج في منامته أينما حل وفي كل مشعر او مع حملته (قد نجد هذه الكتيبات فعلا في غرف فنادق الدرجة الأولى لكن هذه الفئة ليست المستهدفة ) إننا نسعى للوصول الى قلب وعقل كل مسلم أمضى شقا طويلا من عمره يجمع النقود قرشا قرشا لأداء فريضته، فهذه الفئة هي من سيتحدث عن ما رآه وقرأه وتابعه كتجربة قد لا تتكرر له مرة أخرى، ولعل هذه الكتيبات المبسطة تتضمن رسائل توضيحية وتوجيهية حول الدور الكبير الذي تقوم به المملكة ودور كل حاج ومن موقعه أينما كان أثناء الحج لضمان قدرة الحاج على أداء فريضته في جو آمن وبطريقة سلسلة تعكس الجهود الجبارة التي تقوم بها المملكة تجاه اهم مقدسات العالم الإسلامي. لا يكفي ان نردد الأرقام والجهود لأنفسنا ثم نتوقع من غيرنا التقدير .لابد ان نصل الى من لا نستطيع الوصول اليه حتى نريه ما تفعله المملكة في كل القطاعات الصحية والخدمية والمرور والأمن والصيانة والنظافة الخ .دولة كاملة تتحرك بأمة إسلامية تبلغ مليوني حاج في ذات الوقت وذات اللحظة ..فيا لها من مهمة دقيقة وجسيمة لكننا دائما كنا أهلا لها.
وحيث اننا نعرف ان الجهل والأمية لا زالت تضرب بأطنابها في انحاء عالمنا الإسلامي لذا يمكن استخدام وسائل المواصلات العامة المزودة بأجهزة بث مرئي وصوتي لإيصال الرسالة واشعار الحاج في كل لحظة بمسئوليته عن الجميع.
وسائط التواصل الاجتماعي وتحديدا توتير ، فيس بوك وسناب تشات (وهي تستخدم الان لكن ليس بنطاق كاف يجعلها أداة تواصل مع كل حاج مهما كان موقعه ودرجة تعليمه) فهذه الوسائط المهمة يمكن ان تكون نافذة حقيقية لتوجيه رسائل توعوية لكل حاج حتى يعرف ماذا يفعل وأين يتوجه في اللحظة والدقيقة وليس علينا ان نعين جهة محددة لذلك، فالمتطوعون من مواطنين قادرون على أداء هذه المهمة بكل دقة وفعالية، وما علينا الا تنظيم جهودهم التطوعية عن طريق انشاء جمعية وطنية يتولى شبابنا الصاعد مسئولية إدارة هذه الوسائط فيها وهم خير من يقوم بهذه المهمة.
من المهم أيضاً التعرف على التجربة الحقيقية التي يمر بها الحجاج في كل مشعر حتى نستطيع فعلا معرفة نقاط القوة والضعف ومجالات التحسين المطلوبة، ولن يكون ذلك إلا عبر دراسات فعلية تغطي موسم الحج وتشارك فيه مراكز البحوث والجامعات عبر دراسات جادة تتلمس الاحتياج وتطرح الحلول. اللهم آمنا في أوطاننا واحفظ دولتنا قوية غانمة، وكل عام وانتم ومن تحبون بخير وأمان.