م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. تمضي السنين سراعاً وتبلغ الستين وتقرّر التقاعد.. لكن رغم تقاعدك إلا أنك لم تفهم بعد أو لنقل أنك لم تعِ ولم تستوعب أو تدرك معنى التقاعد.. وما يعنيه من حياة جديدة مختلفة عمّا اعتدته طوال حياتك.. وتتساءل: هل التقاعد يعني الاسترخاء والجلوس دون عمل؟.. أو يعني أن تتحوّل حياتك إلى عمل شيء آخر كتقديم الاستشارات والإنتاج المعرفي مستفيداً من تجاربك وخبراتك ومعارفك؟
2. لا شك أنك حينما تتقاعد فأنت تعد نفسك لخوض حياة أخرى مختلفة عن الحياة النمطية المعتادة التي سارت عليها حياتك.. التقاعد ليس كانتقالك من عمل إلى آخر أو شركة إلى أخرى أو من مكان إلى آخر، بل يعني تركك لما كنت تعمله إلى اختيارات أخرى.. ربما تتحوّل حياة التقاعد إلى فرصة أو قد تعني فَقْدُ الفرص.. ربما تكون منحة تنعم بها أو محنة تتعذب منها.
3. هناك فرق بين أن يُفْرَض عليك التقاعد أو أن تختاره.. أن تتقاعد حينما تبلغ الستين أو بعده أو قبله.. أن يكون العمل الذي تقاعدت منه هو عملك الذي أنشأته وبنيته فهو بالنسبة لك كأحد أبنائك.. أو هي مجرد وظيفة أنفقت عمرك تؤديها من أجل راتب نهاية كل شهر.. هناك فرق بين أن تحب عملك إلى درجة أنك تضع رأسك كل مساء على وسادة فراشك تنتظر الصباح للذهاب إليه.. أو أنك تأوي إلى فراشك كل مساء وأنت تشعر بالضيق من الغد الذي سوف يأتي وتضطر فيه إلى الذهاب إلى عملك!.. كلها حالات لا شك شكلت حياتك السابقة بدرجات متفاوتة قبل التقاعد.. والخيار لك وأمامك الفرصة أن تعيد تشكيل حياتك القادمة بعد التقاعد.
4. واستعداداً للتقاعد يجب أولاً الإجابة عن بعض الأسئلة: ما هي الأشياء التي ستفعلها؟.. كيف ستنمي معرفتك بماذا تقضي وقت فراغك؟.. وكيف ستتعامل مع زوجتك وأهل بيتك وقد أصبحت تقضي وقتاً أطول في البيت؟.. كيف ستطور الإحساس لديك بأنك أنجزت شيئاً ما وأنك تستحق حياة تقاعد هادئة مشبعة بالثقة؟.. كيف ستواصل علاقتك بزملائك الذين لم يتقاعدوا بعد؟.. المشكلة أنك سوف تبدأ باستيعاب تلك الأسئلة بعد شهرين أو ثلاثة من التقاعد عندها تبدأ بالتساؤل.. والخطورة في أن تبدأ باللوم للنفس والانتقاد للآخرين والتذمر من الواقع والاحتجاج الصاخب أحياناً من كل شيء.. مما سوف يتلف حياتك.
5. تذكر أن بداية الخروج (بالتقاعد) هي بوابة الدخول إلى عالم جديد.. دون تقليل من أهمية ما قد خرجت منه.. وتعظيم لأهمية ما أنت على وشك الدخول فيه.