إن «الكسوف والخسوف» مشهدان عظيمان يذكران بيوم العرض بين يدي الله عز وجل؛ ذلك اليوم الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين من لدن آدم عليه السلام إلى قيام الساعة ينتظرون فصل القضاء قال تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ. وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}. وهما آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده قال تعالى {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} والحكمة من ذلك أن يخوف الله عباده حتى يرجعوا إليه بالتوبة والإنابة ويقلعوا عن الذنوب والخطايا؛ ويحثهم على الطاعات لاستدفاع النوازل والنكبات؛ ولذلك تشرع الصلاة عند حدوثهما لما ثبت في الصحيحين أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته؛ فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا).
أرى شمسي يراودها الكسوف
ويلفح وجه أزهاري الخريف
فيجب عند حدوث «الكسوف والخسوف» أن يتوجه المسلم إلى الله تعالى بتجديد التوبة والإقلاع عن جميع أنواع المعاصي والذنوب؛ وأن يكثر من الدعاء والابتهال والتضرع امتثالاً لقوله تعالى {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.
يا مَن يُجيب دُعاءَ المُضطرَ في الظُلَمِ
يا كاشِفَ الضَرّ والبلوَى مَع السَقَم
قَد نامَ وفدُكَ حَولَ البَيتِ وانتَبَهُوا
وأنتَ يا حيُ يا قَيُوم لَم تَنَمِ
إن كانَ جُودكَ لا يَرجُوهُ ذو سَفَهٍ
فمَن يَجُود على العَاصِينَ بِالكَرَمِ
ومما يجب فعله أيضاً عند حدوث «الكسوف والخسوف» الإكثار من الاستغفار والتكبير والذكر والصدقة وجميع أنواع البر والخير والإحسان.
وإن كثرة «الكسوف والخسوف» في هذا العصر ما هو إلا مؤشر لكثرة الذنوب والخطايا والفتن -أعاذنا الله منها- فلا ينبغي الغفلة والإعراض عن هذه الآيات قال عز وجل (وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون).
بل يجب أخذ العبر والدروس والاتعاظ من هذه الآيات والنذر.