كتبت مقالاً في 2015م عن ثقافة الشريط الوردي وما يعنيه ذلك اللون الجميل الأنثوي الرقيق من دعم معنوي من خلال مرتاديه وأشرت في المقال بألا تتوقف التوعية على شهر أكتوبر فقط في الوقت الذي أخذ المرض يحصد أرواحا كثيرة بين أوساط النساء، حيث يأتي سرطان الثدي في مقدمة أنواع السرطانات التي تُصيب النساء في العالم المتقدم والعالم النامي على حد سواء. أيضاً تطرقت في المقال إلى أهمية العامل النفسي للمصابة أثناء تبليغها بإصابتها بالمرض للوهلة الأولى وأن لابد أن يكون هناك كوادر مؤهلة حيث لتعاملهم مع الموقف دور كبير في نفسية المريضة ومن أصعب ما يواجه المصابات بسرطان الثدي ويسبب قلقاً دائماً واكتئاب هو القدرة الفائقة لهذا المرض على الانتشار بشكل مخيف فالفكرة المسيطرة على معظم المصابات وأسرهن أنهن في عداد الأموات. عام 2016م وصلتني دعوة من المديرة التنفيذية للجان الصحية النسائية في منطقة القصيم للمشاركة باللجنة الإعلامية لحملة سرطان الثدي والتي ستقام في أوائل أكتوبر من خلال المجلس الإقليمي بالقصيم لتعزيز الصحة والكشف المبكر عن الأمراض برئاسة حرم سمو أمير المنطقة الأميرة عبير المنديل بالتعاون مع جمعية زهرة وهو مشروع وطني يستهدف عشرة آلاف سيدة من القصيم الرقم ليس بسيط والجميع مجتهد واللجان تعمل على قدم وساق للوصول للعشرة آلاف سيدة عبر تشكيل اتحاد لعديد من الجهات الحكومية في المنطقة بدعم كريم من سمو الأمير الدكتور فيصل بن مشعل لتعزيز مفهوم الوعي الصحي بمخاطر سرطان الثدي وسُبل مواجهة تحدياته في المنطقة. مشاركتي في اللجنة الإعلامية لحملة أكتوبر 2016م دعاني أدخل في التفاصيل أحتاج أن أكون أكثر إلماماً عن هذا المرض المشاكس المراوغ القابل للانكسار والهزيمة مع النساء الأكثر قوة وعزيمة وطموح وردي. لا أخفيكم لطالما والدتي حفظها الله طلبت مني وتُصَر أن أراجع المستشفى للفحص بالماموقرام ولم أكن أهتم كثيراً للموضوع فقط أبتسم وأقول أبشري طال عمرك. أصبحت الآن أكثر تحركا واطلاعا ومعرفة ورغبة في الفحص عندما قرأت في تفاصيل مرض أرهق بنات جنسي. قررت الذهاب إلى عالم الناجيات أردت أن أُبحر معهن في بحر كان التجديف فيه يحتاج إلى قوة مضاعفة لأجساد ناعمة. كان لي اجتماع مع مديرة جمعية بلسم لتأهيل ومساندة أُسر مرضى السرطان بالقصيم بعد الاجتماع طلبت من مديرة الجمعية أن ألتقي بعدد من الناجيات لعل أنقل مشاهد الألم الذي عبه الانتصار. ووعدتني بترتيب لقاء قريبا سأكون أكثر قرباً لهن لعل أقدم تقرير لنساء كنَ الأكثر قوةً وجمالاً وأكثر صموداً. كنت قد طلبت مسبقاً من قريبة ناجية من المرض أن تنقل تجربتها والتي انتظرت ولم يصلني شيء فانزعجت من نفسي لربما أعدتها لمحطة لا ترغب تفاصيلها وفي أحد الصباحات وجدت رسالة واتساب لورقة بخط يدها عن تجربتها التي بدأتها أنها اشتكت من شيء في الصدر لتذهب على الفور للمستشفى الذي في مدينتها للفحص بالماموقرام وبعد أسبوعين من الانتظار والقلق تم تحويلها إلى مستشفى آخر في المدينة المجاورة ومع أخصائية الأشعة التلفزيونية كانت الصدمة عندما أخبرتها بقسوة وبدون مقدمات في إصابتها بسرطان الثدي. وفي كمية ألم تتنفس بين الحروف ذكرت بأن طريقة تبليغها من المختصة كان له وقع جداً قاسي عليها وما أن هدأت واستيقظت من وقع الصدمة حتى تذكرت خالقها لتطمئن وتهدأ نفسها بأن الله سبحانه سيكون معها.
وتم تحويلها مباشرة إلى مركز الأمير فيصل للأورام بالرياض وبعد الكشف تقرر لها عملية استئصال ومن ثم بدأت في مرحلة العلاج الكيماوي والإشعاعي وأثناء ذلك انقطعت عن المجتمع ولم تعد تستقبل المكالمات الهاتفية ووقف من وقف معها في هذه المرحلة من الأقارب والأصدقاء مما كان له الأثر الطيب في نفسها.
وتوجه رسالة لكل مريضة بسرطان الثدي أن لا تيأس ولا تقنط من رحمة الله التي وسعت كل شيء واللجوء له في كل الأمور صغيرة كانت أم كبيرة كما استرسلت بحديث عن دور الرسائل الإيجابية في رفع المعنويات فترة المرض حيث ذكرت أنها كانت تقوم بإرسال رسائل إيجابية لنفسها مثلاً «ستشفين بإذن الله» «سترجعين إلى حياتك السابقة». «فترة وتعدي» مع الإلحاح في الدعاء والانكسار بين يدي الله والصدقة وختمت بأنها خرجت من تلك التجربة وقد تعلمت الكثير مما جعلها تعيد حساباتها في جميع شؤون حياتها وتعيد التفكير وذكرت أن لا يظن الإنسان أنه من يتغلب على المرض فالمرض لا يُغلب ولا يمكن التغلب عليه ما لم يأذن الله سبحانه بالشفاء. خرجت من تلك التجربة إمرأة رائعة صامدة قوية لتجربة منحتها إصرارا على الحياة وطموح فتح نوافذ الأمل بقوة التحمل لتستنشق عطر الصباحات المشرقة.
هي القصيم تكتسح أراضيها اللون الوردي بنساء تميزن بالصبر والقوة والطموح والإصرار والرغبة في الانتصار على شبح الخوف من المرض.. ومعاودة الحياة والإشراقة من جديد.