عماد المديفر
لقد كان مؤتمر الشيشان المسمى زوراً مؤتمر «أهل السنة» متماهياً تماماً مع دعوات نظام عمائم الشر والإرهاب في طهران، ومع تنظيمات الإرهاب الإسلاموي كداعش والقاعدة وجماعة الإخوان المسلمين.. بل ومعتبراً عقيدتهم وطريقتهم -أي القاعدة وداعش والإخوان- الممثل الوحيد لمنهج أهل السنة والجماعة.. وما سواها خارج عنها!.. وإن كان وفي مفارقة عجيبة.. يدعي أنه يحارب هذه التنظيمات والأفكار الإرهابية.. إلا أنه في الواقع جاء منسجماً معها بالكلية..!
إن العالم اليوم يئن من وطأة «الإرهاب الإسلاموي» المتلبس بالإسلام، وهو منه براء، إذ الإسلام دين محبة وتسامح وسلام، بعيد كل البعد عن الإرهاب والدمار وسفك الدماء..
ويرى المسلمون أن الإرهاب يستهدفهم ويستهدف دينهم السمح القويم وعقيدتهم الخالصة بالدرجة الأولى، ففي كلمة ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز
-يرحمه الله- أمام قمة منظمة التعاون الإسلامي عام 2003م في ماليزيا، شدد على أن «دين الله بريء من الكراهية، بريء من الإرهاب» وأنه «دين الرفق والرحمة والتسامح، ويجب ألا نسمح لشرذمة قليلة منحرفة من الإرهابيين بالإساءة إلى الإسلام وتشويه صورة المسلمين»، وفي إشارة واضحة لخطر الأيديولوجيا التي تغذي «الإرهاب الإسلاموي» يقول: «إن الرصاصات التي تقتل النساء والأطفال وتروع الآمنين وتخرب المجتمعات، لا تنطلق من البنادق بقدر ما تنطلق من فكر منحرف أساء فهم ديننا العظيم ومقاصده النبيلة»، الذي كانت المملكة وكعادتها بالوقوف في كل ما من شأنه الدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف، وعن مصالحها ومصالح الأمة العربية والإسلامية، ولما تتمتع به من مكانة ريادية في العالمين العربي والإسلامي، كانت ولا تزال في مقدم الدول محاربةً لهذه الآفة الخطيرة، وكان ضمن جهودها الشاملة بهذا الخصوص؛ أن أقامت مؤتمراً دولياً لمكافحة الإرهاب في الرياض عام 2005م، وشاركت فيه العديد من الدول والفعاليات والمنظمات الدولية، وخلص المؤتمر إلى توصيات علمية وعملية تعمل على مكافحة الإرهاب بشكل متكامل ومتوازٍ.. كفكر وأيديولوجيا، وكتنظيمات، وأشخاص، وتمويل ودعم.. ونتج عنها من ضمن ما نتج أن أنشأت الأمم المتحدة بدعم مباشر من المملكة مركزاً دولياً لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله، ويشمل العمل الثقافي والفكري جنباً إلى جنب مع العمل الأمني والاستخباراتي.. كما أتت -تباعاً- دعوة المملكة لإقامة منتدى دولياً لـ«حوار الأديان» استضافته الأمم المتحدة في نوفمبر 2008م في مقرها بنيويورك.. وكان ذلك في مواجهة لما سُمي حينها بـ«صراع الأديان والحضارات».. وقد جدد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- جدد النشاط والعمل الدؤوب في مكافحة هذه الآفة.. محذراً من خطورة التراخي في مواجهتها.. فكانت المملكة في مقدم الدول المؤسسة والفاعلة في التحالف الدولي العسكري لمحاربة داعش، وأنشأت التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي ضم 40 دولة مسلمة.. وليس وآخر ذلك خطابه الشهير
-يحفظه الله- في القمة الأخيرة لمنظمة التعاون الإسلامي المقامة في إسطنبول التي حملت عنوان «الوحدة والتضامن» الذي قال فيه: «إن واقعنا اليوم يحتم علينا الوقوف معاً أكثر من أي وقت مضى لمحاربة آفة الإرهاب وحماية جيل الشباب من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها والهادفة إلى إخراجه عن منهج الدين القويم والانقياد وراء من يعيثون في الأرض فساداً باسم الدين الذي هو منهم براء».
إن هذه التنظيمات الإرهابية تستهدف أول ما تستهدف هذه البلاد الطيبة والمباركة.. في هويتها وعقيدتها وأرضها وأمنها.. وهو ما أشار إليه «مايكل شوير» رئيس الوحدة الخاصة بتعقب ابن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA الذي وجد أن الدول والأنظمة العربية المعتدلة وبخاصة السعودية ومصر والأردن، هم العدو الأول والهدف المباشر لتنظيم القاعدة وللحركات الإسلامية المتطرفة.. وإذا ما علمنا أن تنظيم داعش الإرهابي ليس إلا القاعدة في بلاد الرافدين.. التي يحمل ذات عقيدة تنظيم القاعدة الأم.. وإذا ما علمنا أن ملهمي تنظيم القاعدة هما مبتدعا فكر الإخوان المسلمين الصوفيان الأشعريان حسن البنا وسيد قطب، بجانب الماتريدي النقشبندي أبي الحسن الندوي، ومؤسساها وقائداها -أي القاعدة- الإخواني أسامة بن لادن الذي تربطه -أي أسامة- علاقات ولاء وبيعة بالصوفي الماتريدي الديوباني «الملا عمر» زعيم حركة طالبان الصوفية التي أقر لها ابن لادن بأنها «هي الإسلام الصحيح وبيعتها واجبة على جميع المسلمين»، وأيمن الظواهري حفيد الصوفي الأشعري محمد الأحمدي الظواهري.. وإذا ما علمنا أن مؤتمر الشيشان قد حصر «أهل السنة» بمن يحملون ذات العقيدة والمنهج الذي يحمله ابن لادن والظواهري وحسن البنا والندوي وقطب.. مستبعدين ما سواهم.. فإن ذلك يعيدنا للمربع الأول.. وأن هذا المؤتمر يستهدف ما تستهدفه تلك التنظيمات الإرهابية الإسلاموية.. بل ويشرعنها بشكل خبيث غير مباشر.
إلى اللقاء..