سمر المقرن
أغلب المشاكل التي تحدث بين الجنسين هي بسبب عدم فهم طبيعة كل منهما للآخر، قبل سنوات طويلة قرأت عدة مرات كتاب «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» للطبيب النفسي الأمريكي جون غراي، وجدته من أكثر الكتب الممتعة والذي يضع تفسيرات منطقية لكثير من التصرفات التي تحدث بسبب الاختلافات بين الجنسين. وعندما نفهم هذه الاختلافات -بلا شك- سيجد الإنسان نفسه واضعاً المبررات للطرف الآخر لأنه يفهمه، بينما عندما لا يفهم أسباب بعض السلوكيات الصادرة من الطرف الآخر يبدأ مرحلة الدخول إلى دوامة الشك والتفسيرات غير العقلانية، ومن هنا تبدأ المشاكل وتُعلن العلاقة نهايتها، ونهاية العلاقة ليس بالضرورة أن تحدث بفراق إنما قد تنتهي بعض العلاقات والطرفان مستمران في حياتهما.
لفت نظري عندما استضافتني الصديقة الدكتورة أمثال الحويلة أستاذة علم النفس في جامعة الكويت قبل عدة أشهر، بأن قدمتني لطالباتها وطلابها ضمن أنشطة منهج «سيكولوجية المرأة» في حوار مفتوح معي طيلة يوم دراسي كامل، لفت نظري هذا المنهج وهذا الكتاب الذي قامت بتأليفه مع زميلتها الدكتورة نادية الحمدان، أهدتني الكتاب وقرأته بمتعة شديدة، أتى الإهداء إلى نساء العالم تحت أي اسم أو مسمى أو عرق أو جنسية، وإلى رجال العالم ليتعرفوا على المرأة عن قرب، عن سيكولوجيتها وكيفية التعامل معها من أجل تعايش أفضل وحياة أفضل.
وجدت فيه أن أشياء في المرأة قد لا تفهمها المرأة نفسها، بالإضافة إلى تركيز الكتاب الذي يُدرّس في جامعة الكويت على الأنموذج الحقيقي للمرأة المسلمة، ويضع كثيراً من الفروق في حياتها قبل وبعد الإسلام، ويجمع معظم حقوقها وواجباتها، وأدوارها المتعددة في الحياة والأسرة والعمل.ولم تفوّتا مؤلفتا الكتاب تخصيص فصل كامل عن العنف ضد المرأة والنظريات التي تُفسر أسباب الإساءة لها، والكثير الكثير مما يُمكن أن يجعل قارئ هذا الكتاب قادراً على تفسير كل ما يحدث من المرأة وحولها، وحتى حالتها النفسية وتغيراتها المزاجية الناتجة عن التغييرات الهرمونية وغيره.
أعجبتني فكرة تدريس هذا الكتاب كمنهج علمي في جامعة الكويت، والذي يجعل دارس وقارئ هذا الكتاب لديه القدرة على فهم طبيعة المرأة، وأتصوّر لو فهمت المرأة نفسها بشكل جيد، وفهم الرجل المرأة، لاختفت كثير من المشكلات المزمنة والعارضة، ولتغيرت تلك النظرة المجحفة للمرأة والتي تسببت في فقدانها لكثير من حقوقها المدنية والسياسية.
أتمنى فعلاً أن يكون كتاب «سيكولوجية المرأة» ضمن مناهج جامعاتنا في السعودية، وأن يتم تدريسه كمادة أساسية لجميع التخصصات، فبالإضافة إلى كونه ممتعا، هو مادة علمية تحمل الكثير من الفائدة القادرة على التغيير الفكري إلى الأفضل.