فوزية الجار الله
تبدأ الكتابة بفكرة تشرق في أعماقك، لكنها لا تنتهي بنقطة تضع حداً لذلك التدفق المنهمر في أعماقك الذي لا يحده انتهاء المساحة المخصصة في ورقة أو مطبوعة ما، فالثقافة نهر دائم الانسياب والمعرفة، قوة أكيدة هي بحد ذاتها، نعمة لمن يملكها، حين تود الكتابة تبحث عن آفاق مختلفة لم تشهد أجنحة سواك، تبحث عن عبارات لم تقتبسها من كتاب عابر أو خالد، عن كلمات تمثلك أنت وحدك فالاجترار والتكرار أوضح المؤشرات لرداءة الكتابة، لكن هذه ليست قاعدة إطلاقاً فبعض التكرار والاستعادة هو تكريس للحب والإيمان، هو تأكيد لإنسانيتك وانتمائك إلى قيمك وعقيدتك التي لا ترضى بها بديلاً ما حييت، منذ خطواتنا الأولى على هذه الأرض احتوينا بأكفنا الصغيرة في ذلك الوقت كتاباً مقدساً يدعى القرآن حفظنا آياته، وتم تعليمنا تفسيرها، تلك الآيات الكريمة التي تحمل قيم ديننا الإسلامي العظيم، كنا نحفظه صغاراً ولعلنا لا نعيه كما ينبغي، لكننا حين كبرنا واستعدناه أدركنا عظمة هذا الدين وجمال هذا الوطن الذي يحوي مكة بين جنبيه، وتلك الرسالة المتفردة المميزة التي يؤديها أبناؤه بإشراف مباشر من قيادتهم، ذلكم هو الحج، ذلك الركن العظيم الذي هو فريضة على كل مسلم يتمتع بنعمة العقل والروح والإدراك لإنسانيته ولغاية وجوده.
** (وأذّن بالناس في الحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق).
(لما فرغ إبراهيم - عليه السلام - من بناء البيت، وقيل له: أذن في الناس بالحج، قال: يا رب! وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعلي الإبلاغ؛ فصعد إبراهيم خليل الله جبل أبي قبيس وصاح: يا أيها الناس! إن الله قد أمركم بحج هذا البيت ليثيبكم به الجنة ويجيركم من عذاب النار، فحجوا؛ فأجابه من كان في أصلاب الرجال وأرحام النساء: لبيك اللهم لبيك!) - تفسير القرطبي - (لما أمر إبراهيم - عليه السلام - أن يؤذن في الناس بالحج خفضت الجبال رؤوسها ورفعت له القرى؛ فنادى في الناس بالحج فأجابه كل شيء:
لبيك اللهم لبيك (المصدر السابق).
وعد الله إبراهيم إجابة الناس إلى حج البيت ما بين راجل وراكب، قال (يأتوك)، فمن أتى الكعبة حاجاً فكأنما أتى إبراهيم؛ لأنه أجاب نداءه، وفيه تشريف إبراهيم، طبقاً لما ذكره المفسرون لآيات الله.
** كل عام وأنتم بخير، جعل الله أيامكم وأوقاتكم بلا استثناء حباً وفرحاً وسعادة، تهنئة من الأعماق لكم أيها القراء الأعزاء وللجنود البواسل المقاتلين والمرابطين على الحد الجنوبي، نصرهم الله وأيدهم وكفاهم شر أعدائهم.