رمضان جريدي العنزي
للطائفية تنوعات مقززة، وفخاخ مميتة، وممارسات بشعة، وهي مستنقع ضحل لرخويات الجهل، وديدان التخلف، ما دخلت الطائفية في أي بلد إلا وكانت النتيجة نكسات مرة في واقعها الأليم، الطائفية عملية هوجاء، وريح حارة، وسبباً رئيساً لكل المصائب، ونخر مؤلم لجسد الوحدة، ونار مستعرة يصعب إيقافها، أو لجم تمددها إذا ما اشتعلت، والطائفيون انتهازيون، ومزدوجون، ولهم انتقائية عجيبة في البث والتلقين والفرقة والتشفي، ولهم أسطوانات مشروخة، يرددون من خلالها، ويساهمون في سفك الدماء الزكية، وإزهاق الأنفس البريئة، وقتل الأرواح الطاهرة، لهم ازدواجية حادة، وتبدلات مذهلة، وأقنعة متنوعة، ووجوه طافحة بالتغير، هم يلعنون الطائفية في النهار، ويتغنون بها في الليل، إقصائيون لا يحبون الاندماج الوطني، ويكرهون الوحدة الوطنية، لهم نزوعات وتصدعات ناتنة، يحاولون فتح الأبواب للثأرات والصراعات والتمزقات، وليس لهندسة الحياة وتطورها وتنميتها، الطائفيون يوقدون الفتنة، عبر سيل من القنوات الفضائية، والمواقع الإعلامية الأخرى، التي تبث فتنة الطائفية بلا هوادة وتزكي سجلاتها الملتهبة، بعشوائية تامة، وغباء مدقع، للطائفيين إفتراءات، ويجيدون التجييش الطائفي والعرقي والتراشق اللفظي، إن الزعيق الطائفي المقيت الذي يمارسونه أصبح مكشوفاً، ولعبهم صار مفضوحا، وحركاتهم البهلوانية تصيب بالضحك المتواصل والكركرة، إن للطائفيين قدرات عقلية وفكرية وعلمية لا يستطيعون توظيفها سوى لمصلحة أهدافهم الشخصية الضيقة، إنهم يعيشون العقدة الطائفية التي تحرك تفكيرهم، وتمثل لهم أيقونة العمل، إنهم يعيشون في التاريخ ضمن أحداث ولت وانقضت وانتهت، إنهم يلتون ويعجنون في هذه الحوادث التي تعتبر مثل غيرها من الحوادث من الأشياء الجدلية في التاريخ كقصة البيضة والدجاجة ومن الأول فيهما؟ إنهم يستغلون العقد الطائفية والقضايا الجدلية لنشر الفرقة، وإعادة تقسيم المقسم، هم يتحركون وفق هذا الغباء، لإعادة صناعة الجدل مرة بعد أخرى، بلا فائدة أو قيمة أو مضمون وبلا ناتج حضاري حقيقي، أفكارهم ليست مبنية على واقع علمي صحيح، هم فقط مثل الذي يرى الشوكة في عين أخيه ولا يرى الخشبة في عينه! المصيبة أنهم يعيشون غباءاَ ذاتياً، ويعيش فيهم الغباء برغبتهم الذاتية وبإرادتهم التخلفية، ومنتهى السخرية أن يستغبي الإنسان نفسه، ويحاول أن يستغبي غيره، إن الطائفيين معاول هدم وتخريب في الكيانات التي يتمون إليها، ويستنزفون الطاقات الإبداعية العطائية بفعل أخطبوطهم الظلامي الكبير، ويعرقلون خطط التنمية، وحركة النهوض السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والبناء والإعمار، لا يصلحون الخلل، ولا ينصفون المجتمع، إنهم أفاعي طائفية يحاولون عرقلة عجلة التطور، وتحقيق الأماني المنشودة، إنهم طاعون مدمر ابتلي بهم الناس في هذا العصر، لا يجيدون سوى افتعال حرائق التطرف، وإذكاء الفتن، وبث روح الكراهية والحقد الشوفيني واستئصال الآخر وإبادة الآخر بحجج واهية وادعاءات مارقة، إن أغراضهم مرعبة في تشويه المحبة والسلام والإخاء والتعايش وتعزيز المكانة والقيمة والعمل الوطني المشترك، لهم نزوات مجنونة، وحقد أعمى، ضد المكونات المتنوعة، إن مقاصدهم الخبيثة، ومآربهم الشيطانية، هو في تمزيق الكيانات والاحتراب الطائفي البغيض، الذي يؤدي إلى الدمار والبؤس والخراب، إن الطائفية مرض عميق، والخلاص منه لا يحتاج إلى شعارات، بل إلى الصدق في القول والعمل، وبناء على ذلك، على العقلاء والخيريين وأصحاب العقول المتزنة والضمائر الحية، تدعيم ونشر ثقافة التسامح والمحبة والإخاء وحب الانتماء للوطن والهوية الوطنية.