يوسف بن محمد العتيق
منذ بدء مرحلة التدوين والكتابة في التراث الإسلامي، ومكة المكرمة تشهد في مثل هذه الأيام قيام جامعة مؤقتة في الكثير من الفنون والتخصصات لا سيما ما يختص بالشريعة واللغة العربية والأدب والتاريخ والشعر.
ما أن يحل العالم في الديار المقدسة حاجاً إلا ويلتقي بالعلماء الآخرين وتثار بينهم القضايا العلمية من مناقشات شفهية تتحول إلى كتب بل موسوعات علمية.
كثير من الكتب ألفت في صحن المطاف إلى جوار الكعبة المشرفة، وكثير من المناقشات تتم في المكان ذاته.
ومن الجميل أن هذه الكتب والمناقشات وثقت بعضاً من أخبارها في حديث العلماء والرحالة من الحجاج.
لذا لا غرابة أن تكون مكة المكرمة عبر القرون وفي أيام الحج تحديداً جامعة إسلامية وعلماءها وباحثيها من كل أرجاء الأرض.
وفي العهد السعودي الزاهر لم تنقطع هذه السنة الحميدة بل زادتها الدولة تأصيلاً وتوثيقاً، فبدأنا نشاهد على سبيل المثال ندوة الحج الكبرى التي تنظمها وزارة الحج في كل عام ولها آثار علمية كبيرة.
موسم الحج موسم متنوع الفوائد في كل مجال، وهو موسم تحسين صلة بالخالق في العبادة والتحصيل العلمي ولمن أراد الرزق والتعارف بإخوانه المسلمين فكل هذه من منافع هذه الأيام المعدودات، وكلها مرحب بها من كل أبناء بلاد الحرمين الشريفين قيادة وشعباً ما دام أنها تندرج في المنافع المعروفة التي نص عليها الشرع ونظام بلاد الحرمين حيث لا يعكر صفو هذه التفاعل إلا ما نجده ممن يخرج بهذه الأيام الفاضلة عن مسارها الطبيعي إلى شعارات تفرق المسلمين أكثر مما تجمعهم بكلمات سياسية وطائفية هي أبعد ما تكون عن عبادة الحج الذي أمر الله بأنه لا يكون لا رفث ولا فسوق ولا جدال فيه.