عبد الله باخشوين
أعجبتني صورة نشرتها (الجزيرة) في 7 من ذي الحجة لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس وهو يتحدث إلى أحد الحجاج الأفارقة بعد أن قدم له العربة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة. فهي تنم عن عاطفة أخوية صادقة.. تجسد القول بـ (إنما المسلمين إخوة).. وأذكر أن ابني محمد ووالدته.. حجا ذات عام في (مخيم) الحرس الوطني.. ونزلا في (الجناح) أو (القسم) المخصص لفضيلة الشيخ (السديس).. وكعادته في استضافة بعض الحجاج.. كان يستضيف حاجاً إفريقياً مع عائلته اسمه (الطاهر بافراوا) تعرفت عليه بعد الحج عن طريق ابني والتقيت به عدة مرات وتحدثنا بإنجليزيتي الرديئة لأنه لا يجيد العربية.. وعرفت أنه في موطنه (نيجيريا) يحظى وعائلته بمكانة اجتماعية ومالية مميزة.. وأنه واحد من خمسين أخ من أب واحد.. ويمتلك في مكة المكرمة (شقة) مطلة على الحرم.. وأن لديه بعض الأعمال التجارية مشاركة مع بعض تجارها.. ولشدة محبة والده للشيخ السديس تمنى على الله أن يلتقي به قبل أن يموت -خاصة وأنه كبير في السن-.. وكان أن نقلت هذه الأمنية لفضيلة الشيخ الذي بكرمه وطيبة نفسه قام بتلبية الدعوة بأريحية ورحابة صدر.. وهناك حظي بكرم ضيافة لا مثيل له -كما قال أحد أقربائه المرافقين له-.
وقد قابل فضيلته كرم الضيافة بكرم مماثل فقام بدعوة الداعية (الطاهر بافراوا) وعائلته لحج بيت الله الحرم في ضيافته.. ولشدة بساطة الشيخ وعدم حبه للتكلف فقد استضافة في مخيم الحرس الوطني الذي هو حسن التجهيز والخدمات.. أعرف ذلك لأن مخيم الحرس الوطني قد استضافني للحج قبل ذلك بعام وتمتعت فيه براحة لا مثيل لها.. -جزاهم الله خيراً هم ومن دعاني-.
يأتي هذا ليس للقول بكرم ضيافة الجهات الحكومية التي تدعو مسلمين من مختلف أنحاء العالم.. وفي مقدمتها الدعوة الكريمة التي يوجهها خادم الحرمين الشرفين للمسلمين شتى، ويخص برعايته أكثر من ألف حاج من دولة فلسطين.
أما عن فضيلة الشيخ السديس الذي لا شيء أحب إلى نفسي من سماع صوت تلاوته للقرآن الكريم عندما استيقظ كل صباح ليكون فاتحة يومي بما يتيسر لي سماعة.. ويكون خاتمة يومي فأستمع إليه لمدة تقرب من ساعة قبل النوم.
عندما سألت ابني محمد عنه -فأنا لم أتشرف بلقائه- وجدته شديد الإعجاب بهذا الشيخ الذي يتمثل خلق الإسلام وسلوكه.. فهو لا يتصدر مجلسه لهيبة أو مهابة بل يجلس شبه منعزل.. لا يتحدث كثيراً وإن تحدث فإنه يتحدث بصوت خافت وهدوء شديد بطريقة لا يبدو معها أنه يعرف أن صوته يتردد في أركان الأرض من الحرم المكي وهو يأم المسلمين بتلاوة تخشع لها القلوب وتسيل لها الدموع.. بل وأزعم أنني لم أر صورة شخصية له إلا منذ سنوات قليلة بحكم منصبة الرسمي.. أمد الله فضيلة الشيخ السديس بالصحة والعافية وأثابه خير الجزاء فصوته الخشوع جعل كثيراً من غير المسلمين تخشع قلوبهم لذكر الله ودفعهم لإشهار إسلامهم.