صيغة الشمري
لا أدري من أطلق مقولة القانون لا يحمي المغفلين، حتى أصبح القانون وكأنه موضوع لاستغفال الناس وسرقتهم وتدميرهم بسلطة القانون، كأن القانون قد تم وضعه لخدمة النصابين والحرامية، مجرد بنود وأرقام تكتب في ورقة وتعطى للضحية لتشرعن أحقية النصب عليه وتمنحه عذرا أمام نفسه كمغفل لا يحميه القانون، إذا كان القانون لا يحمي المغفلين والغافلين والجاهلين بالقانون وثغراته التي يعبر خلالها بائعو الذمم والسارقون فيحمي من؟ إذا كان القانون لا يحمي المغفلين لمن تم وضعه ووضع لحماية من؟! النابهون والعارفون ليسوا بحاجة لمن يحميهم إذا لا يستطيع أحد خداعهم أو سرقة أموالهم، قبل أيام قام أحد الواثقين بأن القانون لا يحمي المغفلين ويحمي من يريد استغفالهم بسرقة مئات الملايين من الريالات وترك آلاف من عوائل حفر الباطن يكابدون نار القانون الذي اعتبرهم مغفلين وسهل على هذا الحرامي سرقتهم، وهذه المرة المليون التي تتكرر بها هذه الحادثة بكافة مدن السعودية ولن تكون الأخيرة، نفس السيناريو يتكرر ونفس تفاصيل الجريمة ونفس المحرقة التي يعرفها المواطن سابقا ويكرر الدخول بها طمعا أنه من أوائل الذين يوزع عليهم المحتال الربح، حيث من شروط إغراء العامة بنجاح الخطة منحهم أرباحاً مضاعفة في بداية عملية النصب حتى يصل خبره للباقين الذين يهرب بأموالهم، عقار وبيض ومسحوق غسيل وبطاقات اتصال وأكياس رز وإلى ما لا نهاية من أدوات إقناع الناس ببركة المتاجرة التي تكون نهايتها كنهاية سابقاتها بهروب المحتال وتكدس آلاف المواطنين بمكتبه الوهمي المؤقت يندبون حظهم ويبحثون عن صحفي يأتي للمكتب لتصويرهم في مكان الجريمة ويتم نشر خبر أو خبرين وبعدهم تذهب القضية كسابقاتها لأدراج النسيان ويذهب المواطنون لندب بختهم المائل حيث لا مجيب ولا متعاطف ولا حتى بائع كلام يوهمهم كذبا بعودة أموالهم حماية لهم من الاكتئاب وفقد بهجة الحياة، كيف يسمح القانون بفتح حساب شخصي باسم مواطن ويرتفع رصيده خلال أشهر ليصبح بمئات الملايين دون أن تتحرك الجهات المعنية لحماية المواطنين من أن يصبحوا مغفلين ! كل دول العالم تحدث بها هذه العملية مرة أو مرتين وبالخفاء وبأموال قليلة جدا ثم لا تتكرر عكس ما يحدث عندنا، يجب سن قوانين لحماية المغفلين من القانون نفسه، ويجب توعية الناس ونقلهم من مغفلين إلى غير قابلين للاستغفال، هذا الذي يحصل سيسجله التاريخ ضدنا كمجتمع يتم استغفاله بشكل شبيومي على مرأى ومسمع من القانون ورجال القانون، كل عملية نصب تحدث في مجتمعنا بطريقة سهلة وناجحة وبحماية من القانون نفسه، يجب وضع قوانين من داخل مجتمع هؤلاء الضحايا ودراسة الأسباب التي أدت لهذه السرقة التي لا يصدقها عقل، جميع دول العالم فور حدوث عملية نصب بهذا الحجم الضخم يقومون بدراستها ومقابلة ضحاياها ومن ثم يضعون قانونا يمنع تكرارها مرة أخرى، يبكي القلب كمدا وهو يرى بلدانا تضع قوانين تحمي بها حتى البهائم ونحن لازلنا نتغنى بمقولة القانون لا يحمي المغفلين، تركنا المغفلين للنصابين والحرامية الذين يطورون أدواتهم في النصب ونحن نطور أدواتنا في الصبر والسلوان. إننا كأفراد مجتمع تقع علينا مسؤولية توعية بعضنا البعض وإنقاذ أنفسنا من القانون والحرامية اللذان يريدان إثبات بأننا جميعا مغفلين!