رمضان جريدي العنزي
الفلاش عبارة عن لمبة كهربائية مملوءة بجزيئات من الألمنيوم والمغنسيوم تلتهب بواسطة الكهرباء لتنتج وهجاً قصير المدة وعالي الحدة لالتقاط الصور الفوتوغرافية، هناك من يحب هذه الفلاشات حد الإدمان اللامحدود واللامنتهي وبلا تعقل أو سكينة أو روية، وبعيداً عن الحكمة والثبات، يحسب نفسه سمفونية لونية رهيفة تناجي وهج الروح، يحلم بذاته وفق نرجسية عالية، وينبهر بصور نفسه، يعتقد بأنه منسوج من شهقات خيال، وموغل في مذاقات الحياة، يتصور بأنه متلألئ برهافة باذخة في مناغاة وهج اللون والضوء والحضور، يتوقع بأنه ريشة لون، وإشراقة ضوء، ويسابق الوقت بعمق من أجل ذات غارقة بالقصور، ولذلك يحاول البروز والترزز والاعتكاف في صالات المناسبات، يحاول رسم رماد اللون بطريقة ساحرة، يحاول أن يكون هادئا، حكيما، متزنا، رهيفا، ناصعا، كأنه مجبول من لون منبعث من حبور النسيم، يحب التباهي مع نسيم الصباح، وهدهدات فيروز، وازرقاق سمو السماء، ورهافة المطر، وتجلي الغمام، ونعومة الحرير، وحنين العشاق إلى اخضرار المروج، وبسمات النجوم في عتمة الليل، يلتقط صوره من هواجسه الهاربة في ظلال غابات الروح، من حفيف أحلامٍ معرَّشة بحبور الطفولة، وبهجة الصِّبا، يحاول أن ينسج من لغة اللون والصورة والبشت والهندام لغة لونيّة شاعريّة محبوكة بتوهّجات ألوانٍ ممراحة، تنساب ألوانه ألقاً وهدوءاً وبسمة وشغفاً إلى عناقِ أسرار اللَّيل، يحاول أن يغوص غوصاً عميقاً في دقَّات القلوب ومراميها الشَّهيّة، يحاول أن يكون له مفرداتٌ لونيّة معبّقة بتشكيلاتٍ غارقة في البهاء والضّياء والسّناء، بشفافيّة دافئة دفء سكون اللَّيل، يحاول أن يرسم نفسه كمَن يمتلك انبلاجاتٍ لونيّة مبهجة لانبعاث دقّات حنين الرّوح إلى وهج الفرح الغامر فوق انسيابيّة تجلِّيات آفاقِ حبورِ الخيال!، يحاول أن يحبك بوهج الحنين المعتَّق بأصالةِ اللَّون المنبجس من مذاقِ طينِ الحياة، إلى هدهدات اللَّون، كأنّه يناجي قلوباً عطشى للمطر، عطشى للحياة، للحبِّ، لأمواج عذوبةِ البحار، يحاول أن يرسم حفاوة نفسه برهافةٍ موصولة على مدى ابتهالات ألق الرّوح، على إيقاع رقصةِ ألوانٍ مجنّحة نحوَ البسمة في صباحات النيسان، مستولداً من نفسه التي يحسبها رهيفة حواراً فوتوغرافياً أو فيلمياً مع تمتماتِ الصَّمتِ تارةً ومع لواعجِ الكلام تارةً أخرى، عبر تهدُّجات لفظية دافئة في تكويرات عناقيّة، موغلة في مرامي الأشواق النبعثة من خيوط اشراقةِ الشَّفق على أنغامِ تغريد البلابل، كأنّه في سياقِ عرض سيمفونيّة لونيّة لمناجاة وهج الروح، يحاول أن يبدو عبر تجلِّياته اللَّونيّة وحركات التصويركأنّه في حالة احتفاء ذاتي لتجسيد أشهى ما في نضارةِ اللّون من شهقاتِ الابتهال، النرجسية الذاتية عنده ترتقي ببهجة اللّون عالياً عبر تناغمات دفء تشكيلٍ محبوكٍ على مدى تدفُّقات منابعِ الأنا، يتماهى بشغفٍ عميقٍ مع تناغماتِ انبعاثِ اشراقة الصوت والصورة والضوء والتعبير، لديه صبرٍ معرَّشٍ في حفاوةِ الأنا، يحاول أن يعبر عميقاً في أسرارِ مسامات القصور والتردي، كأنّه يحبك للمستمعين أغنية من طبقات صوتيّة بهيجة عبر براري مراميه المقصودة، يحاول أن يرسم لوحته كمَن يعبر رحابِ ذاكرة مفروشة على مساحات أبهى تجلِّيات جموحِ الرّوح، ململماً أصفى انسيالات البهاء والجَّمال ودهشة اللِّقاء ولحظات منفلتة من رحاب الحلم المفتعل، يحاول أن يرسمُ أحلاماً تاهت في منعرجاتِ حياته، شوقاً مزنَّراً بأرخبيلاتِ شهوةِ الاشتعال، بحثاً عن أبهى صورة لشخصه الأسفنجي في زمن الرماد المر، يحاول أن يكون شكلاً مغايراً، وكينونة وبوصلة، وعنواناَ ودليلا، ومتاً وحداء وبعداً وفكرة، وميكانيزما وتوجها، وأن يظفر بزاوية خاصة له بالحياة وأن يصور نفسه ذا قدر ومعنى وقيمة وحضور، وما درى بأنه مجرد خشبه مبتلة بماء، واغتراب في ثنايا الجفاء، وزيف مكانه، وتمثل موقع، وترقيع حالة، وفاصلة صغيرة داخل رواية طويلة، ورمزاَ لا يدخل ضمن معادلة، وواقعاً لا يعيد البناء، وسراب في قيعة، ومرارة، وانكسار، وحركة ليس لها دهشة، وسرد ممل، فلا هو قطب، ولا هو شكل، ولا هو سوار، ولا منارة، ولا دائرة استقطاب.