محمد آل الشيخ
أعلنت السلطات الأمنية اللبنانية أن جريمة تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس التي حدثت عام 2013 كان وراءها الاستخبارات السورية لنظام الأسد، وأوردت اسمي الضابطين السوريين اللذين ثبت لديها أنهما خططا للعملية. وزير العدل المستقيل أشرف ريفي طالب بقطع العلاقات مع سوريا وطرد السفير السوري في بيروت، وهو في تقديري أقل إجراء يجب اتخاذه تجاه هذا النظام الإرهابي، هذا لو كان لبنان دولة ذات سيادة ويهمها دماء شعبها، غير أن الحقيقة أن لبنان دولة محتلة، مسلوبة السيادة، فهي بلا رئيس دولة، ورئيس وزرائها رجل يقود وزراء أكثريتهم لا تهمهم مصلحة لبنان، والحاكم الحقيقي هو حسن نصر الله، الذي يتلقى وينفذ ما يأمره به أسياده الفرس في طهران، ففي لبنان لا وجود لدولة ولا مؤسسات حاكمة، وإنما ميليشيات مسلحة تأتمر بأمر ملالي إيران، ونظام الأسد كما هو معروف منخرط مع ملالي إيران في حرب ضد أغلبية الشعب السوري، وما زال النظامان حتى اللحظة يمارسان القتل والتدمير في بلاد الشام، بمساعدة وتأييد ومساندة من روسيا؛ وطالما العالم أعطاه الضوء الأخضر ليتصرف في سوريا كما يحلو له، فسيبقى الأسد ليس فرعوناً على الشعب السوري فحسب، وإنما على الشعب اللبناني أيضاً.
الساسة اللبنانيون مشتتون، ومختلفون، ففي لبنان تجد كل ما تريد، إلا الشعور بالوطنية والاستقلال لدى غالبيتهم؛ فساسة اللبنانيين لا يستحون من الإعلان عن أنهم يتصرفون بموجب إملاءات خارجية، ولأن مؤتمر الطائف الشهير فرض على جميع الفرقاء اللبنانيين الذين كانوا يتقاتلون في الثمانينيات من العقد المنصرم التخلي عن أسلحتهم ما عدا حزب الله، فقد أصبح حزب الله الموالي لإيران هو الحاكم الناهي، ولن تنتهي سلطة هذا الحزب، وتتحرر لبنان من نير الاحتلال الفارسي وتستقل، إلا بإحدى طريقتين: إما أن يسقط حكم الملالي في إيران، أو حرب أهلية ثانية؛ فمؤتمر الطائف لم يحل المعضلة اللبنانية، وإنما عالجها بمسكنات وقتية، ولا مفر من أن فيروسات الداء ستعمل من جديد، وتعود لبنان إلى الاقتتال بين فئاتها مجدداً.
وفي تقديري أن ارتباط النظام السوري بأحداث تفجير المسجدين في طرابلس يعطي الحكومة -لو كانت هناك حكومة حقيقية- فرصة ثمينة وسانحة للتصعيد ضد السوريين، وطرد السفير السوري، وقطع العلاقات مع سوريا كما طالب ريفي، وسيكون جزماً الشارع اللبناني بمختلف فئاته وطوائفه مع هذه الخطوة الجريئة، ولو احتج حزب الله على خطوة كهذه فسوف يضع نفسه وشعبيته في خانة (اليك)، سيما وأن الجهات الأمنية الممسكة بزمام الأمن في لبنان تحظى بتأييد كاسح من اللبنايين على مختلف طوائفهم وفئاتهم، كما أن اللبنانيين وصلوا إلى حالة من حالات (القرف والغثيان) من الأسد وجرائمه؛ فهل ينتقض «تمام سلام» رئيس وزراء لبنان الحالي، ويطرد سفير النظام السفاح؟
إلى اللقاء