مها محمد الشريف
الطائفية معضلة مزمنة يزرعها السياسي العقيم، أو المتدين المنحرف؛ إذ يسعى الزعماء المهووسون بالسلطة، وبعض الوعاظ المنتفعين لتأجيج الصراعات بين الأطياف المختلفة من خلال تعبئة أفراد المجتمع بشحنات عدائية، تشجع على القتل والعنف وتعمم الجهل المحرّض على الانغلاق في عالم داخلي يرفض الاعتراف بكل ما يقع خارج حدوده.
إن التصريحات الأخيرة لقائد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي التي هاجم من خلالها سياسة المملكة في الحج، لتؤكّد الفرق بين العقل المتزن والجهل المتوحش الذي ليس بالضرورة أن يكون ضد المعرفة ولكنه المعرفة المضادة في جميع الأحوال والمواقف، تلك المعرفة المشوّهة التي سعت إلى تسليع الإنسان وبيعه بثمن بخس، في محيط تتصارع فيه الأفكار وتنحاز إلى مفهوم المرايا المقعرة التي لا تظهر الأشياء بشكلها الحقيقي، ليطل من خلالها خامنئي محيطاً نفسه بقداسة وهمية بشعة؛ يزعم من خلالها أنه المصدر الوحيد للمعرفة والأخلاق والحقيقة.
يبدو أن المرحلة التي وصل لها خامنئي تمثّل مرحلة «الاستلاب العقلي»، إذ تهيمن عليه الكثير من الأفكار والمخططات الشيطانية التي تهتم بتحقيق النتائج ولا تأبه بقتل الأتباع في داخل إيران، أو خارجها في العراق، سوريا، اليمن، ولبنان، وهذا يعد أشنع أنواع الشقاء النفسي غير المدرك لمآسي من زجّت بهم أفكاره المتطرفة المسمومة إلى معتقلات فكرية مظلمة، لا يصدأ حديدها ولا تنهار أسقفها.
وأمام هذا النهج الذي يرى فيه خامنئي أن الغاية تبرّر التدليس والتحريض والقتل، كما قال ماكيافيلي»الغاية تبرر الوسيلة»، لا بد للمجتمع الإسلامي أن يتحرّك بخطوات تتجاوز الشجب والاستنكار ليصل إلى طريقة يلجم بها الشيطان الأكبر، كما أن إدانة مجلس وزراء الخارجية العرب لتصريحات خامنئي، أمس الخميس، ووصفها بـ»العدائية والتحريضية»، لا تكفي، ولا بد من تطويق وخنق هذا التطرف الذي ينبع من رؤية لا ترى سوى مصلحتها الذاتية، فضلاً عن انحيازها الطائفي الذي زرعت من خلاله الفوضى في أرجاء الوطن العربي.