سعد بن عبدالقادر القويعي
في اللحظة التي تستقبل فيها المملكة ملايين الحجاج من مختلف أقطار العالم خلال أيام معدودة، وفي مساحة مكانية ضيقة، يأتي استغلال فريضة الحج لأغراض سياسية، وإثارة للنعرات، وإحياء للفتن الطائفية؛ من أجل تحقيق أهداف، ومآرب لا علاقة لها بمقاصد الحج الشرعية، وإنما بهدف تسييس فريضة الحج، واستغلالها؛ للإساءة إلى المملكة التي سخرت كل إمكاناتها المادية، والبشرية لخدمة ضيوف الرحمن، وضمان أمنهم، وسلامتهم، وراحتهم خلال أدائهم مناسك الحج، والعمرة.
كعادة ملالي قم قبل موسم كل حج، تنطلق المحاولات الإيرانية العبثية للإساءة إلى المملكة - هذه المرة -، من خلال توجيه اتهامات غير حقيقية على لسان علي خامنئي، وذلك عبر أجهزتهم الإعلامية، والتي تعكس مستوى متدنيًا ضمن جملة الاتهامات؛ لبث كذبتهم الباطلة، بأن المملكة تمنع الحجاج الإيرانيين من أداء فريضة الحج، مع أن واقع الحال يشهد بأن المملكة قامت بفتح أبوابها أمام الإيرانيين القادمين إلى مكة من كل أنحاء العالم، الأمر الذي لاقى ترحيبا واسعا من قبل الرأي في العالم الإسلامي.
في خضم البحث بين تصريحات الملالي، والتي يناقض بعضها البعض، فإن افتراءات خامئني تنسجم مع سلوك نظام إيران المتربص بالمسلمين، والمتآمر على وحدة الأمة؛ هدفها - بلا شك - إثارة النعرات الطائفية؛ لتحقيق أهداف سياسية، وفتح باب للفتنة؛ الأمر الذي رفضته السلطات السعودية بحزم؛ لتقطع كل محاولات نظام الولي الفقيه في طهران، عندما أراد فرض شروط سياسية، وإدخال مراسم، وطقوس خارجة عن مناسك الحج.
يشهد التاريخ، أنه في كل عام يحاول الحجاج الإيرانيون استغلال موسم الحج؛ لترويج دعايات، وأهداف ذات أغراض سياسية، والإقدام على أعمال تظاهرات، وشغب في الأماكن المقدسة. بل إن الفتنة التي قادها بعض ما يسمى بالحرس الثوري الإيراني في - اليوم السادس من ذي الحجة من عام 1406 هـ - قبالة بيت الله الحرام، ما تزال ردود أفعالها الغاضبة تعم أرجاء العالم الإسلامي، وهي الفتنة التي لم يجرؤ على القيام بها أحد من المسلمين، أو غيرهم في أي موسم حج منذ بزوغ الإسلام، وحتى يومنا هذا.
أمن الحجاج مسؤولية السلطات السعودية، بما في ذلك حجاج بيت الله من الجنسية الإيرانية، - وبالتالي - فقد حرصت هذه البلاد بسياستها الثابتة، والنزيهة على أمن، واستقرار موسم الحج. وكل ما تتخذه من إجراءات لضمان تحقيق ذلك، بعدم السماح لأي جهة بتعكير صفو الحج، أو العبث بأمن الحجيج، أو محاولة شق الصف الإسلامي، تندرج ضمن مسؤولياتها الجسيمة، والتي تأخذها السعودية على محمل الجد، وهو ما أكده ولي العهد - الأمير - محمد بن نايف بن عبدالعزيز - قبل أيام -، عندما قال: «إن ما تثيره وسائل الإعلام الإيرانية، وبعض المسؤولين الإيرانيين لا يستند إلى المصداقية، والموضوعية»، مشدداً بأن المملكة: «لن نقبل بتسييس الحج، والإخلال بأمن الحجيج، وسنقف بحزم، وقوة ضد كل من يعمل على الإخلال بالأمن»، وهو ما يقع - في تقديري - في سياق كلي، ووفق معايير، وشروط محددة، تضمن تحقيق المصالح المنشودة، دون وقوع أضرار، أو ما يهدد سلامة الحج.
إن جاز لي أن أختم بشيء، فهو الإشارة إلى سجل إيران الحافل بنشر الفتن، والقلاقل، والاضطرابات في دول المنطقة؛ بهدف زعزعة أمنها، واستقرارها، والضرب بعرض الحائط بكافة القوانين، والاتفاقات، والمعاهدات الدولية، والمبادئ الأخلاقية، ومن كان ديدنه كذلك، فكيف يتشدق بالحرص على وحدة المسلمين، والدفاع عن قضاياهم ؟، وهى المتآمرة في جميع المناسبات، حسب مصالحها السياسية القذرة.