أحمد المغلوث
قبل سنوات كنت في زيارة لأحد الأبناء الذي يحضر دراسته العليا في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، وتعودت كل صباح أن أذهب إلى إحدى المكتبات الشهيرة القريبة من سكني والتي تشتمل على خدمات إنترنت وكافيه يقدم الفطائر والمأكولات الخفيفة. وتعرفت بعد أيام وخلال جلوسي لتصفح وقراءة المجلات والكتب على شاب إيراني مقيم مع أسرته في أمريكا في ولاية أخرى لكنه جاء لزيارة أحد أقاربه المقيم في فيلادليفيا.. وبعد يومين من تبادل الأحاديث البعيدة عن السياسة عرف مني إنني سعودي، فراح يردد «أنكم شعب محظوظ تعيشون في بحبوحة من العيش والرفاه، وما زلت أذكر كيف كانت علاقة بلادنا ببلادكم أيام الشاه، لقد حدثني والدي عن مشاهدته لزيارة الملك فيصل إلى إيران عام 1965م وكيف خرج الشعب الإيراني في الشوارع مرحبين بالفيصل». وبعد وصول الملالي للحكم، استطاع والده الخروج من إيران. ولم أسأله عن الكيفية التي استطاع والده من خلالها الخروج، ولا عن الأسباب التي دفعته إلى ذلك. واكتشفت في يوم آخر أنه مولود في أمريكا ويحمل جنسيتها، لكنه لم يخف حزنه الشديد عن الواقع الذي تعيشه إيران من متاعب وأوضاع أعادت الإنسان الإيراني البسيط على حدود الفقر بحسب ما يشاهده عبر مواقع الإنترنت، حيث ينتمي إليها بحكم أصله وفصله ودينه.. والحق أن إيران يوماً بعد يوم تتفاقم فيها المشكلات والتحديات الحياتية التي يعيشها المواطنون الإيرانيون وعلى الأخص من ينتمون إلى المذهب السني، وتزداد الحياة سوءً وتخيم بظلالها على واقع الناس في مختلف المناطق والمدن وفي كل لون من ألوان الواقع المادي والمعاشي وبالتالي فرضت وضعاً كبيراً وثقيلاً، وأحدثت خللاً في ثقافة الإنسان الإيراني الذي كان في عهد الشاه، حيث كان المواطن يتمتع بحرية شبه كاملة ويعيش في سلام. عكس هذه الأيام، فالذي لا ينتمي لنظام الملالي أو نظام المشانق، كما يطلق عليه البعض حيث شهدت مناطق الأكراد السنة وأخوتنا في الأحواز نصب المشانق على الرافعات، كان الله في عون المواطنين الإيرانيين، فلا عجب بعد هذا أن يهاجر الملايين للخارج من أجل البحث عن لقمة عيش وأن يضمن حياة طبيعية ومستقبل أفضل له ولأسرته وأبنائه؟! والمتابع لمختلف وسائل الإعلام في العالم يجد الكثير من التقارير الموثقة والمصورة التي تحكي عن مآسي عاشها الكثيرون من الإيرانيين، في ظل حكم نظام الملالي المأساوي. ومؤخراً أقرت وسائل إعلام إيرانية بأنها أعدمت0 شاباً من أهل السنة من محافظة كردستان، متهمة إياهم بارتكاب «أعمال إرهابية»، في حين فند ناشط إيراني سني من الذين تم إعدامهم ادعاءاتها بمقطع صوتي سجله قبيل تنفيذ الحكم، أكد فيه محاكمته لمجرد أنه كردي وسُنّي نافياً اتهام السلطات له بـ«الإرهاب».
وخلافاً لما أعلنت عنه السلطات الإيرانية كشف ناشط إيراني سني كردي كان من بين أكثر من 20 ناشطاً أعدمتهم إيران - في تسجيل مسرب قبل إعدامه - ظروف محاكمته، وأكد أنه حوكم فقط لأنه كردي وسُنّي، ونفى اتهام السلطات له بالإرهاب بحسب «الجزيرة».
وقال الناشط السياسي شهرام أحمدي في التسجيل -الذي نشرته مواقع للتواصل الاجتماعي- إنه حُكم عليه بطريقة غير عادلة، وأضاف أن القاضي أبلغه بأنه يحاكم بثلاث تهم: أولاً لأنه كردي، وثانياً لأنه سني، وثالثاً لأنه يعمل ضد النظام.
وكشف في التسجيل أن أخاه أعدم أيضاً بناء على اتهامات مماثلة في 2012م وكان عمره وقت اعتقاله 18 عاماً. كما كشف أن سلطات السجن الذي كان فيه رفضوا نقله تحت حراسة مشددة لرؤية عائلته التي لم يرها منذ ثلاث سنوات، حيث إن أمه وأخته أصيبتا بالشلل إثر حادث سير بينما كانتا في الطريق لزيارته، في هذه الأثناء ذكرت وكالة «مهر» الإيرانية بياناً للقضاء العام بمحافظة كردستان غرب إيران إنه تم تنفيذ حكم الإعدام بحق «عناصر تكفيرية وسلفية كانت قد ارتكبت أعمالاً إرهابية قبل 6 أعوام»، وأوضح البيان أن حكم الإعدام «نُفِّذ بحق المجرمين وهم من تنظيم ما يُعرف بالتوحيد والجهاد الإرهابي» على حد زعمها... هذا نموذج من ما يقوم به نظام الملالي في حق شعبه ومن لا ينتمي لمذهبه أو نظامه. وها هو رأس النظام يحاول بث الفتنة بين الشعوب المسلمة المنتشرة في مختلف بقاع العالم بمطالبته الممجوجة وغير المقبولة، وحسب ما أكده إعلاميون إيرانيون قدموا لأداء الفريضة: أن تصريحات «خامئني» الأخيرة تدلل على أن النظام الإيراني يتهرب من مشكلاته في الداخل بالتدخل في شؤون الجيران وزعزعة أمن المنطقة وتعكير صفو الحج.