عبد الاله بن سعود السعدون
كل عام تفرح مكة المكرمة لاستقبالها ضيوف بيت الله الحرام، وتهيئ المشاعر مستبشرة لتقديم أرقى الخدمات للحجيج، والسهر على راحتهم وصحتهم، وتحقيق أجواء الأمن والأمان لهم لتأدية مناسك الحج بيسر وراحة.. وتسخر المملكة العربية السعودية كل الإمكانات متشرفة بتقديم كل هذه الخدمات بصورة متكاملة.. فمنذ أن تطأ قدم الحاج الكريم أرض بلاد الحرمين الشريفين يلاقى بالترحيب والاستقبال الأخوي تماشيًا مع أخلاق المسلمين. وكان لمظاهر حسن استقبال ضيوف مدينة النبي الكريم الأثر العميق من الشكر والامتنان من ضيوف الرحمن، وعبَّر الكثير منهم عن هذه اللحظات الروحانية الأخوية بدموع الفرح والسعادة.. وهكذا كانت وستبقى حال الخدمات والفرحة بالتشرف بواجب تأديتها من قِبل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وشعبه العربي السعودي المضياف.
ولم تشهد مواسم الحج أنواعًا من الإجرام التخريبي وزهق أرواح ضيوف الرحمن في مكة المكرمة في المواسم ما قبل ما يسمى بثورة الخميني في نهاية السبعينيات، بل كانت محصورة بمحاولات إجرامية فردية، مثل تهريب مخدرات وعمليات نشل وسرقة أثناء تأدية مشاعر الحج في الطواف والسعي وداخل المخيمات المنتشرة في منى، وكانت هذه الحوادث محدودة ومسيطرًا عليها من قِبل العيون الساهرة لرجال الأمن المكلفين بالعمل اليقظ على راحة وخدمة أفواج الحجاج المنتشرة بأعداد كافية لبسط الأمن والأمان تنفيذًا للخطط المطبقة ميدانيًّا من لجنة الحج العليا، ومشاركة كبار المسؤولين في الوزارات المعنية من داخلية وخارجية ودفاع والحج والصحة وقيادة أمن الحج، مع مشاركة فعّالة من هيئات الطوافة وشركات نقل الحجاج. وتقدم حكومة المملكة العربية السعودية ميزانية ضخمة، تُخصَّص بنودها لصحة وأمن وراحة ضيوف الرحمن، ولتأدية شعائرهم بسهولة ويسر بالغَيْن. وقد قدمت بلادنا لهم الخدمات المميزة واجبًا مشرفًا، أخذته على عاتقها لراحة وأمن ضيوف الرحمن. وقد حظي هذا الاهتمام الواجب على حكومتنا الرشيدة بالشكر والتقدير من كل حجاج العالم الإسلامي إلا المخالفين من هيئات الحج الإيرانية. وفي هذا الموسم بعد أن قاطعت الهيئة الموفدة من النظام الإيراني للمفاوضة على مشاركة حجاج إيران إخوانهم أبناء العالم الإسلامي لتأدية فريضة الحج إلا أن الهيئة التفاوضية جاءت لتفرض شروطًا تعجيزية، هدفها تسييس موسم الحج، وإثارة الفوضى والضجيج لتعكير مناسك الحج، وتعريض جموع ضيوف الرحمن للرعب والخطر، وانسحبوا دون إبداء أي إجابة لسبب حضورهم رافضين كل التسهيلات التي قدمتها وزارة الحج السعودية أمام هذه اللجنة التي قدمت لغرض الرفض غير مبالية برغبة أشقائنا الحجاج الإيرانيين الذين تمنينا مشاركتهم بتأدية فريضة الحج لهذا العام.
وجاء البيان غير المتوازن للخامئني والموجَّه للشعوب الإيرانية التي حرمها تعصب نظامه الطائفي، وعملهم الدائم لاستغلال موسم الحج لإثارة أفكارهم الخيالية. والهدف الأساسي لهذا الخطاب هو محاولة امتصاص الغضب الشعبي الإيراني لحرمانه من تأدية فريضة الحج هذا الموسم، وتحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية غباء وتشنج قرارات نظام ملالي طهران الذين طالبوا بشروط تعجيزية استفزازية، لا يمكن تحقيقها؛ لأنها تروّع وتعكر أمن ضيوف الرحمن، مع إقلاق روحانية مناسك الحج. واحتوى بيانه على مجمل متناقض من الأحداث التي كان نظامه المتسبب فيها. وتضمن هذا البيان السام تحريض بعض ضعاف العقيدة المضللين بأفكاره المتطرفة لإثارة مظاهر الفتنة الطائفية. وأتمنى على ضيوف الرحمن عدم الإصغاء لهذا التخريف التحريضي، وأداء مناسك الحج بسلام وأمان.
وإن أجهزة الأمن اليقظة خصصت حيزًا كبيرًا من جهودها لمنع المندسين في صفوف الحجاج من أتباع الحرس الثوري وحزب الله من إثارة أعمال الشغب والعنف بين أفواج الحجاج بإثارة الفوضى وإطلاق هتافات وشعارات غريبة ومخالفة لشعائر الحج، وفرضها على ضيوف الرحمن المرفوضة من قِبلهم لبُعدها عن روحانية شعيرة الحج ومخالفتها الثوابت الإسلامية.
وإني أناشد كل مراكز ودور الإفتاء الإسلامية إعلان فتاواهم المنطلقة من ثوابت الدين الإسلامي الحنيف لمنع الترويع والفوضى اللذين يتعرض لهما ضيوف الرحمن في كل موسم من مثل هذا التحريض السياسي التخريبي.
قال الله تعالى: {يَدْعُو مِن دُونِ اللَّه مَا لَا يَضُرُّه وَمَا لَا يَنفَعُه ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ}.