د. نوف بنت محمد الزير
وصف الفكرة: إنّ مما أفاء الله تعالى على بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية، أن جعلها مهوى أفئدة العالمين وخصها الله بالفضل والمنن، وأفاء عليها جزيل النعم، من ذلك أن معظم الفنادق الموجودة في مكة والمدينة والمحيطة بالحرمين الشريفين، توفر من ضمن خدماتها بوفيهات مفتوحة، وذلك بجعل الوجبات المقدمة لساكنيها في موائد ضخمة تزخر بفضل الله بأنواع وكميات كبيرة من الأكل والشرب، وجعل هذه الخدمة داخلة ضمناً في القيمة المدفوعة إيجاراً للسكن فيها، مما يجعل مقدم الخدمة مستوفياً لحقه والمستفيد من الخدمة قد تم تحصيل ثمنها منه مسبقاً، فيحدث عند كليهما شعور بعدم تحمل تبعات أو خسارة مادية! يجعل وجود هذه الموائد أمراً قد تم تحصيل ثمنه.
فكثير من المستفيدين من تلك الموائد يأخذون أضعاف ما يزيد عن حاجتهم فيأكلون حتى الشبع؛ ثم يقومون ويتركون طعاماً كثيراً في مواعينهم، ليأتي بعد ذلك مقدم الخدمة بحاويات متعددة يلقي فيها هذا الطعام مختلطاً، تمهيداً للتخلص منه في سلال المهملات.
في مشهد يفتّ كبد الغيورين على هذه النعم العظيمة، نسأل الله أن يديمها ويحفظها من الزوال.
أبعاد الفكرة: إلقاء النعم في حاويات أمام مرأى من الناس ومسمع، ومعروف أن قاصدي البيت الحرام من كل فج عميق؛ فكيف ستكون نظرتهم إلى بلاد لا تقدَّر فيها النعم حق قدرها؟!
كما أن كثيراً من الأُسر تجدها بأفرادها كباراً وصغاراً، مما يجعل الأجيال التي تشاهد ذاك دون أدنى غضاضة تعد ذلك أمراً سائغاً، فتنشأ على سواحل الترف وموانئ التجرد من المسؤولية.
إضافة إلى أن العمالة التي تعمل في تلك الأماكن - وهي في غالبها وافدة إلى هذه البلاد - تغرّب معظمهم عن أهاليهم ليوفروا عيشة كريمة لهم؛ ثم هم يرون ما يتغربون لأجله يلقى مهملاً دون أدنى شعور بالمسؤولية.
ففي العناية بهذه المسألة فيها إعانة على حل مشكلة الفقر التي تعاني منها دول كثيرة في العالم، ممن يقدم بعض مواطنيها للمملكة فبتوفير لقمة عيش نظيفة لهم تعفّهم من ذل السؤال.
الحلول المقترحة: بث الوعي الديني والاجتماعي لدى المستفيدين وذلك بوسائل متعددة منها:
توعية الجميع بوضع عبارات في أماكن الطعام تحث على الحفاظ على النعمة، وأنه من شكر النعمة صيانتها ومن الدين تجنُّب الإسراف. و إعداد برامج إعلامية وأفلام وثائقية قصيرة وبثها في وسائل الإعلام المختلفة: المرئية والمسموعة والمقروءة، نشر رسائل من خلال برامج الأجهزة الذكية .توقيع عقود إلزامية وشراكات مجتمعية مع الجهات التموينية في فنادق المدينتين المقدستين وخاصة المحيطة بالحرمين الشريفين، بحفظ الأطعمة في علب خاصة وتوفير ثلاجات أو أماكن مبردة لحفظها سليمة وتقديمها لمن يحتاجها في أماكن عامة.
ومن الجهات المرشحة لرعاية الفكرة: الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، مجلس نظارة وقف الملك عبد العزيز خاصة وغيره من مجالس نظارة الأوقاف الأخرى، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، رجال الأعمال من خلال تأسيس مؤسسة وقفية لإطعام قاصدي البيتين، هدفها صيانة النعم وإيصالها لمستحقيها.
فوائد تطبيق الفكرة: تحقيق شكر الله تعالى على نعمه شكراً قولياً وعملياً، فقد قال تعالى:(اعملوا آل داود شكراً)، صيانة النعمة مظنة لزيادتها واستمرارها ، إعفاف المحتاجين من قاطني وقاصدي البيت الحرام عن السؤال. المحافظة على موارد بلادنا المباركة من الإسراف و الهدر. الوصول لمزيد من الريادة والتكامل في المسؤوليات والخدمات التي تقوم بها بلادنا المباركة في خدمة الحرمين الشريفين، خدمة المجتمع بزيادة آلاف فرص عمل للشباب. تحقيق التكافل الاجتماعي الذي خص الله به مجتمعات المسلمين وتميزت به بلادنا ولله الحمد.
أسأل الله أن يبارك في الجهود ويسدد الخطى ويوفق الجميع لما يحب ويرضى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.