خالد بن حمد المالك
لا بد أن نتوقف عند زيارة الأمير محمد بن سلمان لليابان، ونتساءل: ما الذي تضيفه هذه الزيارة وقد سبقها زيارات كثيرة وعلى مستوى عال من التمثيل لكل من طوكيو والرياض، الجواب: لكي تفهم أن العلاقات السعودية - اليابانية هي دائماً في طور التجديد والإضافة وزيادة في العمق، وهذا ما أكسبها القوة والاستمرارية والثقة والفهم المشترك.
* *
وزيارة ولي ولي العهد ليست زيارة مجاملة، ولا تدخل ضمن الزيارات البروتوكولية، وإنما هي زيارة عمل كبير، ومراجعة لما سبق من اتفاقيات ومجالات تعاون، والبناء عليها في التخطيط لتعاون أوسع وأشمل في ظل برامج التحول في سياسة المملكة الاقتصادية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تتحدث به وعنه رؤية المملكة 2030 وما انبثق عنها من برنامج للتحول الوطني وبرامج أخرى قادمة.
* *
فاليابان دولة مهمة في الصناعة، وتقدم منتجات ذات جودة عالية، وأسواقنا تزخر بمختلف صناعاتها المتقدمة، وهي في المقابل تستورد من المملكة ثلث حاجتها من النفط، أي أن هناك مصالح مشتركة، وهي مدعوة الآن إلى تطوير تعاونها مع المملكة في مناخ استثماري مشجع.
* *
والشراكة المطلوبة مع اليابان تعتمد على حجم الاستثمار الياباني في سوق المملكة ونوعيته، ويجب أن تكون انعكاساتها الإيجابية واضحة التأثير بإقامة صناعات خفيفة وأخرى متوسطة في المملكة من خلال نقل التجربة اليابانية، والاستفادة من خبرتها، ومحاكاتها في أسلوب العمل وتمكين الشباب السعودي لدخول ميدان الصناعة.
* *
وفي زيارة الأمير محمد بن سلمان، من المؤكد أنه حمل ملفات كثيرة، بفرص ومبادرات محفزة ومشجعة، أقنع بها الأصدقاء اليابانيين للاستثمار بالمملكة بأكثر مما هو متحقق الآن، والانتقال بالعلاقة من الاستيراد والتصدير إلى بناء المشروعات، وإقامة المصانع مشاركة مع السعوديين، أو بانفراد ياباني في تمويل إقامتها، ضمن ضمانات تحققها الرؤية للشريك الأجنبي.
* *
هناك في المملكة مشاريع يابانية- سعودية مشتركة بمليارات الدولارات، غير أن زيارة الأمير كانت تطمع لتحقيق ما هو أكثر من ذلك بكثير وهذا ما نجح ولي ولي العهد في تحقيقه، لهذا تم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، في مجالات الطاقة والبنوك والثقافة والإعلام والصناعة والتنمية والتجارة وغيرها، وكذلك التعاون في مجال إقامة المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
* *
ومن بين ما أسفرت عنه الزيارة كمؤشر على نجاحها أيضاً، إعطاء رخصة لمنظمة التجارة الخارجية اليابانية لفتح مكتب تمثيل اقتصادي وفني لها بالمملكة، وعقد المنتدى السعودي الياباني بحضور أكثر من خمسمائة من رجال الأعمال والشركات اليابانية وعدد من رجال الأعمال والشراكات السعودية، بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين في البلدين.
* *
وما يميز زيارة ولي ولي العهد إلى اليابان، الاهتمام غير العادي الذي استقبل به الأمير، سواء من الامبراطور أو من رئيس الوزراء، أو ممن اجتمع بهم من كبار المسؤولين اليابانيين، ما مهد الطريق نحو اختتام الزيارة بهذا العدد الكبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الرياض وطوكيو.
* *
ومختصر الكلام: إن الرؤية بمضامينها بدت مقنعة لكل الدول التي زارها الأمير حتى الآن بدءاً من الولايات المتحدة الأمريكية، ففرنسا، ثم الصين واليابان، وهو ما يعني أن المملكة مقبلة على مرحلة متطورة تؤسس لها الرؤية، دون أن يكون لانخفاض أسعار النفط أي تأثير سلبي على التوجه الجديد الذي يقوده الملك سلمان.