د. عبدالرحمن الشلاش
أكتب هذا المقال في الوقت الذي تهفو فيه قلوب المسلمين صوب الأراضي المقدسة حيث يؤدي أكثر من مليوني مسلم مناسك الحج وسط اهتمام كبير ورعاية عظيمة من حكومة المملكة العربية السعودية. أكتبه وأنا أدرك أن كل العقلاء في العالم يقدرون للمملكة دورها الذي لا يحجب بغربال في خدمة الحجيج وتوفير كل سبل الراحة والطمأنينة كي يؤدوا مناسكهم ويعودون لأوطانهم سالمين غانمين. وهو دور يحتاج شرحه وتوضيحه لسلسلة طويلة من المقالات، إذ إن الحديث عن المشاريع يتطلب إفراد مئات الصفحات، ثم عليكم حساب كم نحتاج من الصفحات كي نكتب عن الجهود الأمنية والصحية والنقل والإسكان، والخدمات داخل الحرمين وفي المشاعر المقدسة. أنها جهود سنوات تثبت نجاح المملكة سنة بعد أخرى وجدارتها التي لا ينكرها إلا جاهل أو جاحد أو حسود أو حاقد.
في هذه الأيام العظيمة يسود الخشوع كل البقاع الإسلامية بينما تتعالى الأصوات النشاز من بلاد فارس حيث يكيل ملالي إيران الأكاذيب والافتراءات لتشويه دور المملكة بالتدليس على الجهلة والمغفلين والأغبياء ومحاولة إيهام الرأي العام بأن السعودية هي السبب في عدم تمكين الحجاج الإيرانيين القادمين من إيران من أداء مناسك الحج بينما الحق والواقع يؤكد عكس ذلك تماماً وأن نظام إيران هو السبب في منع مواطنيه من الحج، أما المملكة فموقفها ثابت لا يتغير بترحيبها بجميع الحجاج القادمين من جميع دول العالم بما فيهم الحجاج الإيرانيين شريطة اتباعهم القنوات الرسمية وحصولهم على التأشيرات اللازمة وفق المحاضر الموقعة مع دولهم لترتيبات حجهم. لكن نظام إيران يرفض توقيع المحاضر، ويرفض أي تنظيمات تهدف لنجاح الحج لأنه نظام مريض قد بيت النوايا السيئة من خلال الدفع بأفراد مدربين من قبله لإثارة الفوضى وإفساد الحج وتعكير الأجواء على حجاج بيت الله كعادته كل سنة وآخرها العام الماضي بتدبير وتنظيم حادثة التدافع في منى وموت مئات الحجاج، عدا إطلاق الشعارات السياسية والمسيرات وهو ما يتعارض تماماً مع تعاليم الدين الإسلامي التي تدعو إلى أن يلتزم الحاج بالسلوك القويم، ويبتعد عن كل ما يفسد الحج من فسوق وجدال وتزاحم وتدافع لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (197) سورة البقرة. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي الحجيج بقوله: «السكينة.. السكينة» لكن نظام قم يريد أن يقلب الحج إلى سكاكين وليس إلى سكينة!