فيصل خالد الخديدي
وسط غياب العمل المؤسساتي التي تعانيه الفنون التشكيلية محليًّا، وتذبذب رعايتها من المؤسسات المعنية بالشأن التشكيلي والثقافي، وعدم استمرار المشاريع التشكيلية، التي عادة ما ترتبط بالأشخاص، وتزول بزوال المسؤولين عنها.. وسط هذه الحال يبزغ شيء من ضياء في مواقف متباينة، تشي بشيء من الضياء لعتمة التشكيل المحلي، والوصول به إلى بعض المأمول والتنظيم المنشود والحضور الفني والفكري والرسمي لدعم الفن والفنانين، وإن كان الطموح أكبر، والتطلع للمزيد والمزيد لخدمة الفن والفنانين. ومن هذه المواقف:
- إهداء ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عملاً فنيًّا لرئيس جمهورية الصين الشعبية (شي جين بينغ)، وهو ما يعني الكثير من الاعتزاز بالفن السعودي من خلال عمل الفنان أحمد ماطر، وتقديمه هدية رسمية تمثل الوطن وثقافته وفنه لمجتمع عميق في الثقافة والفن كالمجتمع الصيني. فالفن لغة الشعوب التي لا تعترف بحدود ولا ترجمان، وهو مؤشر لعراقة الحضارة ورقي إنسانها. وتقديم العمل هدية رسمية، فيه الكثير من التقدير والاعتزاز بالفن السعودي من قِبل ولي ولي العهد، ويعطي الفنان أملاً أكبر بالرعاية والعناية التي تترقبها الفنون التشكيلية والفنانون من قِبل القيادة والمؤسسات الحكومية في قادم الأيام.
- بدء الاجتماعات بالفنانين التشكيليين والفنانات والجهات المعنية بالفنون التشكيلية من قِبل وزير الثقافة والإعلام؛ وذلك تحضيرًا واستطلاعًا لآرائهم وتطلعاتهم حول المجمع الملكي للفنون، وهي خطوة جيدة، وسيلحق بها خطوات واجتماعات. والأمل معقود على أن تكون اجتماعات شاملة، لا يشوبها شيء من شللية أو إقصاء صوت لصالح أصوات؛ فالحضور الشبابي مطلوب، ولا يلغي أصحاب الخبرة والرأي والأكاديميين.. فالضياء لا يكتمل بهاؤه إلا بحضور جميع الأطياف.
- تعامل الكثير من الفنانين الشباب بوعي مع وسائط التواصل الاجتماعي جعل منها أكاديميات فنية ومدارس تشكيلية متنقلة، تنقل التقنية والخبرات الفنية المتنوعة من خلال مقاطع ودروس وشروحات، تقدم الفن بشكل لائق، لا يعترف بحدود أو أسرار؛ فأصبح نقل الخبرة متاحًا للجميع، ومن حق الفنان أن يختار ما يناسبه من معارف وتقنيات دونما عناء. وهذا الضياء رغم بعض الأصوات النشاز والمضللة فإن تعامل الفنانين بوعي مع هذه الوسائط جعلهم ينشرون الضياء ولو بجهود ذاتية، وبأثر ملموس أكبر.
- الأنشطة الصيفية المتنوعة شكلت هذا العام حراكًا حقيقيًّا وملموس الأثر، وأغلبها بجهود ذاتية، شكّلت موسمًا ممتعًا متنوعًا وثريًّا بين معارض وورش وشوارع، تضيء بالفن، وتنشر ثقافته حتى بين العامة.. وصلت للجمهور بفن حقيقي وصادق، لامس الجميع، ونشر ثقافة السياحة التشكيلية بشكلها المنظم، وهي إضاءة وإضافة لتجلي كثير من العتمة في الساحة التشكيلية.