سعد بن عبدالقادر القويعي
في ظل تحديات كثيرة تواجه الأمة الإسلامية، والتي تشكل دول السنة في المنطقة ركيزتها الأساسية، تؤكد مجريات مؤتمر غروزني الذي حضره لفيف من العلماء، بعد أن تم اختيارهم بطريقة انتقائية، وأصدر بيانه الختامي في «12» نقطة في حضور - الرئيس الشيشاني - رمضان أحمد قديروف، ورعايته، ومباركة غير مباشرة من - الرئيس الروسي - فلاديمير بوتين، وحمل عنوان: «من هم أهل السنة والجماعة ؟»، وذلك؛ من أجل الرهان على تأكيد المدخل الأيديولوجي في الصراع الدائر علي الأساس المذهبي، وهو الذي سيعزز من التقسيم المناطقي في قادم الأيام.
تحدد معالم اتجاهات المؤتمر الشيشاني الذي رعته روسيا، وحلفاؤها، إلى تكوين مرجعية سنية جديدة، وقوية، ومدعومة من عدة مرجعيات دينية، مثل: الأزهر، ومركز الزيتونة، وسحب البساط من تحت المرجعية السعودية السلفية، وعزلها عن التأثير في الواقع، وإلصاق تهمة دعم الارهاب، والتطرف بها، والعمل على فرض مواقف جديدة في الساحة السياسية - بالدرجة الأولى - ؛ استناداً إلى منطلقات الحرب الراهنة في سوريا، - سواء - كانت طائفية، أو عرقية، أو أيديولوجية، - إضافة - إلى خلق فوضى توازنات على مستوى مذهبي في العالم السني، باعتبار أن تعدد المذاهب يزرع الفرقة، والفتنة، ويوسع من دوائر الصراع.
كان لزاماً لمن حضر المؤتمر أن يسعى جاهدا لجمع كلمة أهل السنة، والجماعة صفاً واحداً أمام الفرق المنحرفة عن الإسلام، بدلا من حصر مفهوم أهل السنة، والجماعة في كل من الأشعرية، - وإمامهم - أبو الحسن الأشعري، والماتريدية، - وإمامهم - أبو منصور الماتريدي. وهو تعريف يؤكد أن المؤتمر قام على رؤية ضيقة، يُنبئ بطريقة غير مباشرة إلى محاولة بائسة في عزل السلفية عن أهل السنة؛ وليكون مجرد أداة يوظفها العدو؛ لتحقيق مصالحه، بعد أن تماهى المؤتمرون مع التدجين، والتهجين، والتوظيف، والانصياع لمشروع القوى الكبرى في المنطقة.
اختزال مفهوم أهل السنة، والجماعة الصادر عن المؤتمر، يدل على الجهل الفاضح للذين صاغوا توصياته؛ هدفه - مع الأسف - تعزيز التجزئة الفكرية للدول السنية. - وفي المقابل - فإن إيران تحاول أن تبث أفكاراً جديدة، وتفرض معادلات جديدة، تخرجها من دائرة الضغط المذهبي، على أساس الصراع - السني الشيعي -، وجعله - فقط - في الإطار السني، أو تصديره - كذلك -، وهذا يبقى مجرد توقع في ذلك، وذلك بتبني الفكر الغربي في إدارة الصراع؛ لنستدل عليه بأن الحاضن الرئيس للمؤتمر، هو روسيا الحليف الاستراتيجي لإيران، والتي تعمل جاهدة على تقاسم المصالح معها، كما يقول - الأستاذ - خالد هنية.
ولأن أصداءُ مؤتمر - العاصمة الشيشانية - غروزني، سيكون تكريسًا لخلافات قائمة، وإيقاظًا لمعارك عتيقة، فقد جاء بيان هيئة كبار العلماء في السعودية في التوقيت المناسب؛ وليشير إلى أنه: «ليس من الكياسة، ولا من الحكمة، والحصافة، توظيف المآسي، والأزمات؛ لتوجهات سياسية، وانتماءات فكرية، ورفع الشعارات، والمزايدات، والاتهامات، والتجريح»، لافتة إلى أن: «ما تعيشه الأمة من نوازل، ومحن ؛ يوجب أن يكون سببًا لجمع الصف، والبعد عن الاتهامات، والإسقاطات، والاستقطابات «، متهمة من: «لا يريدون لهذه الأمة خيرًا»، بالمراهنة على «تحويل أزمات المسلمين إلى صراعات».