فهد بن أحمد الصالح
يقدِّر المجتمع السعودي كافة الدور الاجتماعي الذي تقوم به الغرف التجارية المنتشرة في مدن ومحافظات ومراكز وطننا الغالي، بل إن المنجز في بعضها قد فاق التوقع أو التطلع وتم إقرار إدارات عامة لخدمة المجتمع أو أقسام حسب حجم الغرفة وقوة كيانات الأعمال فيها، ورأينا العديد من الفعاليات والشراكات المجتمعية سواء مع القطاع العام أو الخاص أوحتى الأهلي والخيري وهو القطاع الثالث الذي تتضح من خلاله خدمة المجتمع الحقيقية، وتتبنى الغرف التجارية الكثير من فعاليات هذا القطاع الذي أصبح بفضل الدعم المتنوع قطاعاً تنموياً وليس رعوياً، ونتج عن ذلك العديد من الإضاءات التي تذكر لهم ويشكرون عليها، بالإضافة إلى ان الغرف التجارية اوجدت مجالاً تنافسياً جيدا وأبرزته لقطاعات الأعمال في خدمة المجتمع وإطلاق عدد من المبادرات التي لا ينقصها إلا التطوير ومتابعة النتائج وقياس الأثر عبر مؤشرات اداء وتغذية عكسية للفئات المستفيدة حتى نقول إن ذلك أصبح عملاً مؤسسياً ستتكرر نجاحاته ولو تغيرت مجالس الإدارة.
ولكي تكون الصورة أوضح ومن باب الاطلاع القريب: فإنني أعرف ان الغرفة التجارية في الرياض قد أوجدت إدارة خاصة لخدمة المجتمع تقوم بالعديد من المهام التثقيفية لحماية المستهلك وكذلك تنظم فعاليات دائمة للعديد من الجمعيات الخيرية ودور كبار السن والمرضى النفسيين (رجالا ونساء) وترتيب بعض الزيارات الترفيهية لهم وتدريب المحتاجين منهم ومنهن، وتأهيل السجناء الذين أوشكت محكوميتهم على الانتهاء، مع تقديم هدايا متنوعة في كل المناسبات التي تحضرها، كذلك المشاركة في الأيام العالمية المتنوعة وتنظيم حملات للتبرع بالدم بالتنسيق مع المستشفيات داخل الغرفة وبعض المجمعات التجارية، ورعاية بعض حفلات التخرج لذوي الاحتياجات الخاصة في بعض الجمعيات الخيرية أو داخل دور الرعاية، كما ان غرفة الرياض تحتضن كغيرها من الغرف التجارية لجنة أصدقاء المرضى التي أنشئت بأمر سام لتكون ضمن أنشطتها وتدعم من رجال الاعمال بهدف القيام بزيارات للمرضى ذوي الحاجة وتلمس احتياجاتهم عن قرب ومعاودتهم في المناسبات العامة، وتقوم اللجنة تحت رعاية الغرفة اليوم بتسعة برامج لخدمة المرضى، بالإضافة إلى ان غرفة الرياض احتضنت لجنة اصدقاء الهلال الأحمر وجمعية انسان وجمعية تراحم للسجناء وأسرهم وجمعية الاعاقة السمعية وجمعية مناعة وجمعية حركية ولجنة المرأة والطفل ومركز الملك سلمان الاجتماعي حتى أصبحت تلك الجمعيات قادرة للنهوض بنفسها وتدبر شؤونها واستقلاليتها خارج الغرفة ولا تزال تجد الدعم والمساندة والشفاعة لها، وعنصر رئيسي ومؤثر في الفعاليات والانشطة الصيفية ومهرجانات السياحية والتسوق الدورية وغرفة الرياض هي الراعي والداعم لنشاطها وإبراز أدوار قطاعات الاعمال المشاركة فيها خدمة للمجتمع وإبراز لثقافة المسؤولية الاجتماعية، بالإضافة للبرامج المتكررة التي تتبناها غرفة الرياض في توظيف الشباب في الشركات والمؤسسات (بنين وبنات) ومساهمتها في احتضان تلك اللقاءات والمساعدة في المقابلة الشخصية للمتقدمين والتي لها أكبر الاثر في تكوين حياتهم.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فقد احتضنت غرفة الرياض مجلس المسؤولية الاجتماعية الذي يرأس مجلس ادارته صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن أحمد بن عبدالعزيز بعد أن رأسه لفترات سابقة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة وقبله صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس العام لهيئة السياحة والتراث الوطني، وانطلق الذراع الايمن للمجلس وهو نادي المسؤولية الاجتماعية الذي يباشر تحقيق العديد من اهدافه والتي من أهمها تجذير ثقافة المسؤولية الاجتماعية في قطاعات الأعمال وإنشاء إدارات خاصة بها وتقديم كل الدعم والمساندة لتحقيقها وجعلها ثقافة عامة للقطاع الخاص، وهذا جعل المجلس والنادي يطلق برنامجا لتخريج اخصائي مسؤولية اجتماعية وهي دورات يرعاها القطاع الخاص وينفذها مركز التدريب في الغرفة التجارية، ولا يتحمل المتدرب أي تكاليف، بالإضافة إلى إقامة مهرجان سنوي للمسؤولية الاجتماعية يشارك فيه جميع قطاعات الأعمال التي أقرت ضمن استراتيجيتها برامج للمسؤولية الاجتماعية ويقدم خلال المهرجان العديد من أوراق العمل المهنية المتخصصة، وصدر عن المجلس سلسلة تطوير المسؤولية الاجتماعية وبرامجها وهو إصدار اعتبره المختصون فريدا على مستوى العالم العربي، ونشرت الغرفة الإصدار على جميع الغرف التجارية العربية والإسلامية، واختتمت الغرفة هذا الملف بفوزها بجائزة المسؤولية الاجتماعية قبل عامين في مدينة ابوظبي تقديراً لريادتها في نشر تلك الثقافة.
هذا هو الشق الأول من المقال وما ذكر عن غرفة الرياض لا شك ان فيه ما يماثله وأقل وأكثر في الغرف التجارية الاخرى ولكن عليها إبرازه بما يستحق اعلامياً ومجتمعياً، وتم إيراده لكي يذكر ويشكر ومن باب آخر ليقال: إن الإنجازات يوردها الناس كما كانت دون أن تغمض الحقوق فيها لأحد، ولكن هذا لا يعني الرضاء والقبول والاكتفاء بما تم تحقيقه لأن المجتمع يرى ان له حقا لم يتم الوفاء إلا بجزء يسير منه سواء من الغرف التجارية أو قطاعات وكيانات الأعمال التي اتى الدور عليها اليوم كاملاً مع برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية الوطن الغالي 2030 وقيادة القطاع الخاص للكثير من الأهداف الوطنية الذي يأتي إيماناً من الدولة بقدرته وقدرات أهله والتنفيذيين فيه وأن مستقبلاً واعدا ينتظر الوطن والمواطن مع قيام القطاع الخاص بدوره، وبالتالي قيام الغرف التجارية لكونها المظلة الحانية لهذا القطاع بدورها، وهذا يعني ان لمجلس الغرف التجارية دورا رئيسيا في إيجاد مناخ تنافسي مجتمعي داخلي بين الغرف مع ضرورة تقدير أصحاب الإنجاز منها وأهل المبادرة والفكرة الجديدة وتسليط الضوء الإعلامي المتكرر على كل العطاءات التي تتم ليتم الامتنان لها مجتمعياً، ويشرفني ان أضع بعض المقترحات أو المبادرات التي أتطلع أن يتم تبنيها سواء من مجلس الغرف أومن الغرف ذاتها لكي نرصد عطاءات تسجل لهم وللقطاع الخاص الذي سيكون فرس الرهان في برنامج التحول الوطني ورؤية الوطن خلال عقد ونصف من زمن المشاركة العامة لتفاصيل المجتمع ومكوناته ودوائره وعلى النحو التالي:-
إقرار لجنة للمسؤولية الاجتماعية ضمن لجان الغرف التجارية تمثل من قيادات المسؤولية الاجتماعية في قطاعات الأعمال الكبيرة والمتوسطة كاللجان الاقتصادية والتجارية والصناعية والعقارية هدفها نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية.
من خلال تلك اللجنة يتم طرح مبادرات اجتماعية تنفذ بالمشاركة تتواكب مع حجم التطلعات للدولة والمجتمع وتغطي الاحتياجات الهامة المنظورة سواء التعليمية أو الصحية أو الثقافية أوالتنموية أو التأهيلية أو التدريبية أو العلاجية.
تبني تفعيل محور رؤية 2030 في رفع عدد المتطوعين من 11 ألفا إلى مليون متطوع عن طريق القطاع الخاص وكيانات قطاع الأعمال المؤمنة بثقافة المسؤولية الاجتماعية ومساعدتها في زرع هذا المبدأ الايماني الكريم في منسوبيها.
تفعيل مجلس المسؤولية الاجتماعية واقتراح مؤشرات أداء يتم مراقبة قطاعات الأعمال من خلالها لتنفيذ برامج للمجتمع، وقياس القيمة المضافة لهذا التوجه مع ضرورة وجود هذا المجلس في الغرف الرئيسية ومجلس الغرف السعودي.
إطلاق صندوق للأفكار الإبداعية في المسؤولية الاجتماعية وتسويق تلك الافكار على الشركات والمؤسسات لتنفيذها وفق آلية تضمن الاستدامة مع تقدير صاحب الفكرة وتسجيلها له ومشاركته في تنفيذها أو عقد جلسات للعصف الذهني.
توقيع اتفاقية ثنائية بين الغرف التجارية ومجلس الغرف مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية من أجل التواصل ومعرفة الاحتياجات الفعلية والفرص المجتمعية التي يمكن ان يتبناها القطاع الخاص وتساهم في تنفيذها الغرف التجارية.
تبني الغرف التجارية حسب طاقتها وقوة القطاع الخاص لديها لمشاريع تضمن استدامة المسؤولية الاجتماعية مثل أن يطلق وقف خيري بمساهمة الشركات والمؤسسات يصرف ريعه مباشرة على البرامج والمشاركات الاجتماعية.
مواكبة الأحداث الجسام التي تمر بها مملكتنا الغالية والتفاعل من منسوبيها ومنتسبيها سواء بجمع تبرعات وتسليمها للجهات المعنية أو إطلاق برامج دعم ومساندة تخدم (اسر الشهداء والمرابطين، المتضررين من كوارث السيول).
وضع هدف كمي لتنفيذ برامج التدريب التعاوني لخريجي برنامج المسؤولية الاجتماعية والاتفاق مع قطاعات الاعمال الكبرى والمتوسطة لترشيح منسوبيها للبرنامج لكي تسهل عملية نقل الثقافة المجتمعية في القطاع الخاص مع تمويله.
قيادة برنامج توعوي وتثقيفي يؤكد على الأمان الوظيفي في القطاع الخاص حتى نجعله قطاعا وظيفيا جاذبا ويسهل توجه الخريجين بمختلف مستوياتهم له مع التأكيد على أن الجاد في العمل هو من سيجد الفرصة الوظيفية الأفضل.
التشجيع على العمل الحر وعدم الركون إلى الوظيفة وإيراد قصص النجاح التي أصبحت هي الدافع الرئيسي للكثير من الدول في تغيير استراتيجيتها التنموية وقيام لجان شباب الأعمال بالدور المنتظر في هذا التوجه فهم الأقرب لذلك.
تبني إطلاق برامج داخلية أو خارجية للشركات والمؤسسات تصنع الولاء الوظيفي والانتماء للمنشأة لكي نقلل الفاقد من الموظفين وكثرة الانتقال ودوران العمل بعد أن أنفقت قطاعات الاعمال الكثير من المال والجهد على منسوبيها.
المساهمة في برامج التثقيف والتوعية لمنسوبي القطاع الخاص كالتشجيع على الادخار الذي يُعد احد محاور رؤية 2030، مع التشجيع على ممارسة الرياضة وزيادة الإنفاق على الترفيه والتسلية والتعليم والتدريب وإعادة التأهيل.
تخصيص ريال واحد على كل عملية تصديق تقوم بها الغرف التجارية ويصرف على برامج المسؤولية الاجتماعية وهذا لا يمثل الا 4% من قيمة التصديق والقليل مع الاستمرار يؤتي ثمارا كثيرة (قليل دائم خير من كثير منقطع).
من خلال مراكز التدريب الخاصة بالغرف التجارية يمكن تخصيص 10% للتدريب الخيري والتنسيق مع الجمعيات الخيرية أو وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لترشيح غير القادرين على دفع تكاليف التدريب وفق ضوابط محددة.
توقيع مذكرات تفاهم مع المؤسسات الخيرية المانحة ذات التجربة الطويلة والثرية للمساعدة في إدارة ملف المسؤولية الاجتماعية مع ضرورة وجود أهداف للمسؤولية الاجتماعية ونشر ثقافتها ضمن خطط الغرف التجارية الاستراتيجية.
تبني الغرف التجارية لبرامج محددة ترعاها سنوياً مثلما قامت به غرفة الرياض في رعايتها لبرنامج منتجون للأسر المنتجة وهو حدث محلي ينتظر كل عام وما قامت به من تشجيع تلك الأسر وتسويق منتجاتها عبر موقع الكتروني.